القواعد الفقهية - السيد البجنوردي - ج ٧ - الصفحة ٣٢٦
إلى الطريق المستقيم بعد الانحراف عنه. ومرجع الكلي إلى أمر واحد، وهو الرجوع من عصيان المولى عز وجل ومخالفته والطغيان عليه إلى طاعته وامتثال أوامره ونواهيه.
وإن شئت قلت: إنها عبارة عن الندم مما ارتكب فيما مضى من المعاصي والعزم على تركها في الآتي، أو تقول: إنها عبارة عن تنزيه القلب عن الرذائل وما يوجب البعد عن المولى عز وجل، والرجوع إلى ما يوجب القرب وتدارك ما فات منه من الكمال.
وذلك من جهة أن ارتكاب الذنوب والاقتراف فيها ينشأ من الصفتين الرذيلتين، وهما الشهوة والغضب، وبسببهما يخرج الانسان عن الاستقامة والاعتدال، وربما يصير أنزل من السباع الضارية والأفاعي السامة، والشهوات من أوان الطفولة إلى أن يصير شيخا كبيرا أنواع وأقسام، وكلها من المهلكات إن لم تصرف فيما خلقها الله لأجله.
وأما القوة الغضبية التي هي مبدأ أغلب الشرور والبلايا تتولد منها المعاصي الكبيرة، والمفاسد، والجرائم، وقتل النفوس، وهتك الاعراض، ونهب الأموال، وهدم الدور إلى غير ذلك من الجرائم الكبيرة التي ربما تكون بمثابة لا يقدر الانسان على سماعها وتقشعر من ذكرها الأبدان.
وبالتوبة والرجوع إلى الله يزيل التائب عن قلبه هذه الرذائل ويطهرها من الأرجاس والأدناس، فيصير القلب سليما عن تلك الأمراض والآفات، ويكون الانسان داخلا في المستثنى في الآية الشريفة (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) 1.
وأما الدليل على وجوبها:

(١) الشعراء ٢٦: 88 و 89.
(٣٢٦)
مفاتيح البحث: البلاء (1)، الغضب (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست