والنضح الرش وقد تقدم الكلام عليه. قوله: ههنا وههنا ظرفا مكان، والمراد بهما جهة اليمين والشمال كما فسره بذلك الراوي. وللحديث فوائد وفيه أحكام سيأتي بسط الكلام عليها في مواضعها، والمقصود منه ههنا الاستدلال على مشروعية التفات المؤذن يمينا وشمالا، وجعل الإصبعين في الاذنين حال الاذان، والالتفات المذكور ههنا مقيد بوقت الحيعلتين، وقد بوب له ابن خزيمة فقال باب انحراف المؤذن عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح بفمه لا ببدنه كله، وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الرأس، وقد اختلفت الروايات في الاستدارة، ففي بعضها أنه كان يستدير وفي بعضها ولم يستدر كما سلف، ولكنها لم تر والاستدارة إلا من طريق حجاج وإدريس الأودي وهما ضعيفان، وقد رويت من طريق ثالثة وفيها ضعيف وهو محمد العرزمي. وقد خالف هؤلاء الثلاثة من هو مثلهم أو أمثل وهو قيس بن الربيع فرواه عن عون قال في حديثه: ولم يستدر أخرجه أبو داود كما تقدم، قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن من أثبت الاستدارة عنى بها استدارة الرأس، ومن نفاها عنى استدارة الجسد كله، ومشى ابن بطال ومن تبعه على ظاهره فاستدل به على جواز الاستدارة. قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على استدارة المؤذن للاسماع عند التلفظ بالحيعلتين، واختلف هل يستدير ببدنه كله أو بوجهه فقط وقدماه قارتان، واختلف أيضا هل يستدير في الحيعلتين الأولتين مرة وفي الثانيتين مرة، أو يقول: حي على الصلاة عن يمينه ثم حي على الصلاة عن شماله وكذا في الأخرى، وقد رجح هذا الوجه بأنه يكون لكل جهة نصيب من كل كلمة، قال: والأول أقرب إلى لفظ الحديث انتهى كلامه بالمعنى. وروي عن أحمد أنه لا يدور إلا إذا كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين، وبه قال أبو حنيفة وإسحاق، وقال النخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وهو رواية عن أحمد أنه يستحب الالتفات في الحيعلتين يمينا وشمالا ولا يدور ولا يستدير، سواء كان على الأرض أو على منارة، وقال مالك: لا يدور ولا يلتفت إلا أن يريد إسماع الناس، وقال ابن سيرين: يكره الالتفات. والحق استحباب الالتفات حال الاذان بدون تقييد، وأما الدوران فقد عرفت اختلاف الأحاديث فيه وقد أمكن الجمع بما تقدم فلا يصار إلى الترجيح. وفي الحديث استحباب وضع الإصبعين في الاذنين وفي ذلك فائدتان ذكرهما العلماء: الأولى أن ذلك أرفع لصوته، قال الحافظ: وفيه حديث ضعيف من طريق سعد القرظ عن بلال. والثانية أنه علامة للمؤذن ليعرف من يراه على بعد أو
(٣٠)