أسبح سبوحا، أو أذكر، أو أعظم، أو أعبد. قوله: رب الملائكة والروح هو من عطف الخاص على العام، لأن الروح من الملائكة وهو ملك عظيم يكون إذا وقف كجميع الملائكة. وقيل: يحتمل أن يكون جبريل، وقيل: خلق لا تراهم الملائكة كنسبة الملائكة إلينا.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن رواه الجماعة إلا الترمذي.
قوله: يكثر أن يقول في رواية ما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه: * (إذا جاء نصر الله والفتح) * (النصر: 1 3) إلا يقول فيها: سبحانك الحديث، وفي بعض طرقه عند مسلم ما يشعر بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يواظب على ذلك داخل الصلاة وخارجها. قوله: سبحانك هو منصوب على المصدرية والتسبيح التنزيه كما تقدم. قوله:
وبحمدك هو متعلق بمحذوف دل عليه التسبيح، أي وبحمد ك سبحتك، ومعناه بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك علي سبحتك لا بحولي وقوتي. قال القرطبي: ويظهر وجه آخر وهو إبقاء معنى الحمد على أصله، وتكون الباء باء السببية، ويكون معناه: بسبب أنك موصوف بصفات الكمال والجلال سبحك المسبحون وعظمك المعظمون. وقد روي بحذف الواو من قوله: وبحمدك وبإثباتها. قوله: اللهم اغفر لي يؤخذ منه إباحة الدعاء في الركوع وفيه رد على من كرهه فيه كما لك. (واحتج من قال) بالكراهة بحديث مسلم وأبي داود والنسائي بلفظ: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء الحديث وسيأتي، ولكنه لا يعارض ما ورد من الأحاديث الدالة على إثبات الدعاء في الركوع، لأن تعظيم الرب فيه لا ينافي الدعاء، كما أن الدعاء في السجود لا ينافي التعظيم.
قال ابن دقيق العيد: ويمكن أن يحمل حديث الباب على الجواز وذلك على الأولوية، ويحتمل أنه أمر في السجود بتكثير الدعاء، والذي وقع في الركوع من قوله: اللهم اغفر لي ليس كثيرا. قوله: يتأول القرآن يعني قوله تعالى: * (فسبح بحمد ربك واستغفره) * (النصر: 3) أي يعمل بما أمر به فيه، فكان يقول هذا الكلام البديع في الجزالة المستوفى ما أمر به في الآية، وكان يأتي به في الركوع والسجود لأن حالة الصلاة أفضل من غيرها، فكان يختارها لأداء هذا الواجب الذي أمر به فيكون أكمل.
وعن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله