ألفاظ الطلاق: أعني اشتراط النية مع اللفظ، أو بانفراد أحدهما، فالمشهور عن مالك أن الطلاق لا يقع إلا باللفظ والنية، وبه قال أبو حنيفة، وقد روي عنه أنه يقع باللفظ دون النية، وعند الشافعي أن لفظ الطلاق الصريح لا يحتاج إلى نية، فمن اكتفى بالنية احتج بقوله (ص) إنما الأعمال بالنيات ومن لم يعتبر النية دون اللفظ احتج بقوله عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها والنية دون قول حديث نفس. قال: وليس يلزم من اشتراط النية في العمل في الحديث المتقدم أن تكون النية كافية بنفسها. واختلف المذهب هل يقع بلفظ الطلاق في المدخول بها طلاق بائن إذا قصد ذلك المطلق ولم يكن هنالك عوض؟ فقيل يقع، وقيل لا يقع، وهذه المسألة من مسائل أحكام صريح ألفا الطلاق وأما ألفاظ الطلاق التي ليست بصريح، فمنها ما هي كناية ظاهرة عند مالك، ومنها ما هي كناية محتملة. ومذهب مالك أنه إذا ادعى في الكناية الظاهرة أنه لم يرد طلاقا لم يقبل قوله إلا أن تكون هنالك قرينة تدل على ذلك كرأيه في الصريح، وكذلك لا يقبل عنده ما يدعيه من دون الثلاث في الكنايات الظاهرة وذلك في المدخول بها إلا أن يكون قال ذلك في الخلع. وأما غير المدخول بها فيصدقه في الكناية الظاهرة فيما دون الثلاث، لان طلاق غير المدخول بها بائن، وهذه هي مثل قولهم: حبلك على غاربك، ومثل البتة، ومثل قولهم: أنت خلية وبرية. وأما مذهب الشافعي في الكنايات الظاهرة فإنه يرجع في ذلك إلى ما نواه، فإن كان نوى طلاقا كان طلاقا وإن كان نوى ثلاثا كان ثلاثا أو واحدة كان واحدة، ويصدق في ذلك. وقول أبي حنيفة في ذلك مثل قول الشافعي، إلا أنه على أصله واحدة أو اثنتين وقع عنده طلقة واحدة بائنة، وإن اقترنت به قرينة تدل على الطلاق وزعم أنه لم ينوه لم يصدق، وذلك إذا كان عنده في مذاكراته الطلاق. وأبو حنيفة يطلق بالكنايات كلها إذا اقترنت بها هذه القرينة إلا أربع: حبلك على غاربك، واعتدي، واستبرئي. وتقنعي، لأنها عنده من المحتملة غير الظاهرة.
وأما ألفاظ الطلاق المحتملة غير الظاهرة فعند مالك أنه يعتبر فيها نيته كالحال عند الشافعي في الكناية الظاهرة، وخالفه في ذلك جمهور العلماء فقالوا: ليس فيها شئ وإن نوى طلاقا فيحصل في الكنايات الظاهرة ثلاثة أقوال: قول أن يصدق بإطلاق. وهو قول الشافعي، وقول إنه لا يصدق بإطلاق إلا أن يكون هنالك قرينة وهو قول مالك، وقول إنه يصدق إلا أن يكون في مذاكرة الطلاق، وهو قول أبي حنيفة. وفي المذهب خلاف في مسائل يتردد حملها بين الظاهر والمحتمل، وبين قوتها وضعفها في الدلالة على صفة البينونة فوقع فيها الاختلاف وهي راجعة إلى هذه الأصول، وإنما صار مالك إلى أن لا يقبل قوله في الكنايات الظاهرة إنه لم يرد به طلاقا، لان العرف اللغوي والشرعي