الركوب ان قدر على المشي لقوله صلى الله عليه وسلم (من نذر ان يطع الله فليطعه) فان عجز عن المشي جاز له الركوب ما دام عاجزا فمتى قدر لزمه المشي لحديث عقبة بن عامر السابق في هذا الفصل عن صحيح البخاري ومسلم ولحديث انس قال (مر النبي صلى الله عليه وسلم بشيخ كبير يهادى بين ابنيه فقال ما بال هذا فقالوا نذر يا رسول الله ان يمشي قال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه فأمره ان يركب) قال الترمذي هذا حديث صحيح (الثانية) إذا عجز عن المشي فحج راكبا وقع حجه عن النذر بلا خلاف وهل يلزمه جبر المشي الفائت بإراقة دم فيه قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أحدهما) لا دم كما لو نذر الصلاة قائما فعجز فإنه يصلي قاعدا ويجزئه ولا شئ عليه (وأصحهما) يلزمه الدم لما ذكره فعلى هذا فيما يلزمه طريقان (المذهب) انه شاة تجزئه في الأضحية كسائر الحيوانات (والثاني) فيه قولان (هذا) (والثاني) يلزمه بدنة للحديث السابق حكاه الخراسانيون والله أعلم (الثالثة) إذا قدر على المشي فتركه وحج راكبا فقد أساء وارتكب حراما تفريعا على المذهب وهو وجوب المشي وهل يجزئه حجه عن نذره فيه طريقان (أحدهما) يجزئه قولا واحدا وبه قطع المصنف والعراقيون (والثاني) حكاه الخراسانيون فيه قولان (القديم) لا يجزئه بل عليه القضاء لأنه لم يأت به على صفته الملتزمة (والأصح) الجديد انه يجزئه ولا قضاء كما لو ترك الاحرام من الميقات وأحرم مما دونه أو ارتكب محظورا آخر فإنه يصح حجه ويجزئه بلا خلاف فعلى هذا في وجوب الدم عليه قولان وقيل وجهان (أصحهما) يجب وبه قطع المصنف وآخرون وهل هو بدنة أو شاة فيه الخلاف السابق (الأصح) شاة والله أعلم * (فرع) أما حقيقة العجز عن المشي فالظاهر أن المراد بها أن يناله به مشقة ظاهرة كما قاله الأصحاب في العجز عن القيام في الصلاة وفي العجز عن صوم رمضان بالمرض والله أعلم * * قال المصنف رحمه الله * (وان نذر ان يركب إلى بيت الله الحرام فمشى لزمه دم لأنه ترفه بترك مؤنة المركوب * وان نذر المشي إلى بيت الله تعالى لا حاجا ولا معتمرا ففيه وجهان (أحدهما) لا ينعقد نذره لان المشي في غير نسك ليس بقربة فلم ينعقد كالمشي إلى غير البيت (والثاني) ينعقد نذره ويلزمه المشي بحج أو عمرة لأنه بنذر المشي لزمه المشي بنسك ثم رام اسقاطه فلم يسقط) * (الشرح) فيه مسألتان (إحداهما) إذا نذر الحج راكبا فان قلنا المشي أفضل أو قلنا هو والركوب سواء فهو مخير ان شاء ركب وان شاء مشى (وان قلنا) الركوب أفضل لزمه الوفاء به فان مشى فقد أطلق المصنف ان عليه دما قال صاحب البيان هذا هو المشهور في المذهب قال وفيه وجه حكاه
(٤٩٢)