فيها الصلاة استقر عليه الدم فان عاد وطاف لم يسقط الدم لان الطواف الثاني للخروج الثاني فلا يجزئه عن الخروج الأول فان ذكر وهو على مسافة لا تقصر فيها لصلاة فعاد وطاف سقط عنه الدم لأنه في حكم المقيم ويجوز للحائض أن تنفر بلا وداع لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض) فان نفرت الحائض ثم طهرت فإن كانت في بنيان مكة عادت وطافت وان خرجت من البنيان لم يلزمها الطواف) * (الشرح) حديث ابن عباس الأول (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده) رواه مسلم وحديثه الاخر (أمر الناس) إلى آخره رواه البخاري ومسلم وحديث (من ترك نسكا فعليه دم) سبق بيانه في هذا الباب مرات * وعن عائشة رضي الله عنها قالت (لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة فقال عقرني حلقي انك لحابستنا ثم قال لها أكنت أفضت يوم النحر قالت نعم قال فانفرى) رواه البخاري ومسلم * والوداع - بفتح الواو - وتنفر - بكسر الفاء - (أما) الأحكام ففيها مسائل (إحداها) قال أصحابنا من فرغ من مناسكه وأراد المقام بمكة ليس عليه طواف الوداع وهذا لا خلاف فيه سواء كان من أهلها أو غريبا وان أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره طاف للوداع ولا رمل في هذا الطواف ولا اضطباع كما سبق وإذا طاف صلى ركعتي الطواف وفي هذا الطواف قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) انه واجب (والثاني) سنة وحكى طريق آخر انه سنة قولا واحدا حكاه الرافعي وهو ضعيف غريب والمذهب أنه واجب * قال القاضي أبو الطيب والبندنيجي وغيرهما هذا نصه في الام والقديم والاستحباب هو نصه في الاملاء فان تركه اراق دما (فان قلنا) هو واجب فالدم واجب (وان قلنا) سنة فالدم سنة * ولو أراد الحاج الرجوع إلى بلده من منى لزمه دخول مكة لطواف الوداع ان قلنا هو واجب والله أعلم * (الثانية) إذا خرج بلا وداع وقلنا يجب طواف الوداع عصى ألزمه العود للطواف ما لم يبلغ مسافة القصر من مكة فان بلغها لم يجب العود بعد ذلك ومتى لم يعد لزمه الدم فان
(٢٥٤)