2 - الموضوعية في القصد وتجاوز الذات:
في كل مرحلة من مراحل الحضارة الانسانية وفي كل فترة من حياة الانسان يواجه الناس مصالح كثيرة، يحتاج تحقيقها إلى عمل وسعي بدرجة وأخرى، ومهما اختلفت نوعية هذه المصالح وطريقة تحقيقها من عصر إلى عصر ومن فترة إلى أخرى فهي دائما بالامكان تقسيمها إلى نوعين من المصالح، أحدهما: مصالح تعود مكاسبها وايجابياتها المادية إلى نفس الفرد، الذي يتوقف تحقيق تلك المصلحة على عمله وسعيه.
والآخر: مصالح تعود مكاسبها إلى غير العامل المباشر، أو إلى الجماعة الذين ينتسب إليهم هذا العامل، ويدخل في نطاق النوع الثاني كل ألوان العمل التي تنشد هدفا أكبر من وجود العامل نفسه، فان كل هدف كبير لا يمكن عادة، أن يتحقق الا عن طريق تظافر جهود وأعمال على مدى طويل.
والنوع الأول من المصالح يضمن الدافع الذاتي لدى الفرد في الغالب توفيره والعمل في سبيله، فما دام العامل هو الذي يقطف ثمار المصلحة وينعم بها مباشرة، فمن الطبيعي أن يتواجد لديه القصد إليها والدافع للعمل من أجلها.
وأما النوع الثاني من المصالح فلا يكفي الدافع لضمان تلك المصالح، لأن المصالح هنا لا تخص الفرد العامل، وكثيرا ما تكون نسبة ما يصيبه من جهد وعناء أكبر كثيرا من نسبة ما يصيبه من تلك المصلحة الكبيرة. ومن هنا كان الانسان بحاجة إلى تربية على الموضوعية في القصد وتجاوز للذات في الدوافع، أي على أن يعمل من أجل غيره من أجل الجماعة. وبتعبير