في الجهاد الذي يمثل اجتماعية كبيرة تتعارض مع حرص الانسان المجاهد على حياته ودمه، وكما في الزكاة التي تمثل مصلحة اجتماعية كبيرة تتعارض مع حرص الانسان المزكي على ماليه وثروته. فان عملية الجهاد مفهومة للمجاهد تماما، وعملية الزكاة مفهومة عموما للمزكي، ولا يفقد الجهاد والزكاة بذلك شيئا من عنصر الاستسلام والانقياد، لان صعوبة التضحية بالنفس وبالمال هي التي تجعل من اقدام الانسان على عبادة يضحي فيها بنفسه أو ماله، استسلاما وانقيادا بدرجة كبيرة جدا. إضافة إلى أن الجهاد والزكاة وما يشبههما من العبادات لا يراد بها الجانب التربوي للفرد فحسب، بل تحقيق المصالح الاجتماعية التي نتكفل بها تلك العبادات، وعلى هذا الأساس نلاحظ ان الغيبة انما تبرز أكثر فأكثر في العبادات التي يغلب عليها الجانب التربوي للفرد كالصلاة والصيام.
وهكذا نستخلص ان الغيبة في العبادة مرتبطة ارتباطا وثيقا بدورها التربوي في شد الفرد إلى ربه وترسيخ صلته بمطلقه.
2 - الشمول في العبادة:
حين نلاحظ العبادات المختلفة في الاسلام نجد فيها عنصر الشمول لجوانب الحياة المتنوعة، فلم تختص العبادات بأشكال معينة من الشعائر، ولم تقتصر على الأعمال التي تجسد مظاهر التعظيم لله سبحانه وتعالى فقط، كالركوع والسجود والذكر والدعاء، بل امتدت إلى كل قطاعات النشاط الانساني. فالجهاد عبادة وهو نشاط الاجتماعي، والزكاة عبادة وهي نشاط اجتماعي مالي، والخمس عبادة وهو نشاط اجتماعي مالي أيضا، والصيام عبادة، وهو نظام غذائي، والوضوء والغسل عبادتان وهما لونان من تنظيف