إلى الإشارة بدلا عن الواقع الذي تشير إليه، وبهذا ينغمس الانسان العابد بشكل وآخر في الشرك والوثنية.
وهذا الاتجاه يقضي على روح العبادة نهائيا ويعطلها بوصفها أداة لربط الانسان ومسيرته الحضارية بالمطلق الحق، ويسخرها أداة لربطه بالمطلقات المزيفة، بالرموز التي تحولت بتجريد ذهني كاذب إلى مطلق.
وبهذا تصبح العبادة المزيفة هذه حجابا بين الانسان وربه، بدلا عن أن تكون همزة الوصل بينهما.
وقد شجب الاسلام هذا الاتجاه، لأنه أدان الوثنية بكل اشكالها، وحطم الأصنام وقضى على الآلهة المصطنعة، ورفض أن يتخذ من أي شئ محدود رمزا للمطلق الحق سبحانه وتجسيدا له. ولكنه ميز بعمق بين مفهوم الصنم الذي حطمه ومفهوم القبلة الذي جاء به، وهو مفهوم لا يعني الا ان نقطة مكانية معينة أسبغ عليها تشريف رباني فربطت الصلاة بها، اشباعا للجانب الحسي من الانسان العابد، وليست الوثنية في الحقيقة الا محاولة منحرفة لاشباع هذا الجانب استطاعت الشريعة ان تصحح انحرافها، وتقدم الأسلوب السوي في التوفيق بين عبادة الله بوصفها تعاملا مع المطلق الذي لا حد له ولا تمثيل، وبين حاجة الانسان المؤلف من حس وعقل إلى أن يعبد الله بحسه وعقله ومعا.
4 - الجانب الاجتماعي في العبادة:
العبادة في الأساس تمثل علاقة الانسان بربه وتمد هذه العلاقة بعناصر البقاء والرسوخ، غير أنها صيغت في الشريعة الاسلامية بطريقة جعلت منها في أكثر الأحيان أيضا أداة لعلاقة الانسان بأخيه الانسان، وهذا