أجمعين. وقد جعل الاسلام سبيل الله أحد مصارف الزكاة، وأراد به الأنفاق خير الانسانية ومصلحتها. وحث على القتال في سبيل المستضعفين من بني الانسان وسماه قتالا في سبيل الله (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) سورة النساء آية 65.
وإذا عرفنا إلى جانب ذلك أن العبادة تتطلب جهودا مختلفة من الانسان، فأحيانا تفرض عليه جهدا جسديا فحسب كما في الصلاة، وأحيانا جهدا نفسيا كما في الصيام، وثالثة جهدا ماليا كما في الزكاة، ورابعة جهدا غاليا على مستوى التضحية بالنفس أو المخاطرة بها كما في الجهاد...
إذا عرفنا ذلك استطعنا أن نستنتج عمق وسعة التدريب الروحي والنفسي، الذي يمارسه الانسان من خلال العبادات المتنوعة... على القصد الموضوعي وعلى البذل والعطاء، وعلى العمل من أجل هدف أكبر في كل الحقول المختلفة للجهد البشري.
وعلى هذا الأساس تجد الفرق الشاسع بين إنسان نشأ على بذل الجهد من أجل الله، وتربى على أن يعمل بدون انتظار التعويض على ساحة العمل، وبين انسان نشأ على أن يقيس العمل دائما بمدى ما يحققه من مصلحة، ويقيمه على أساس ما يعود به عليه من منفعة، ولا يفهم من هذا القياس والتقييم الا لغة الأرقام وأسعار السوق، فان شخصا من هذا القبيل لن يكون في الأغلب الا تاجرا في ممارساته الاجتماعية مهما كان ميدانها ونوعها.
واهتماما من الاسلام بالتربية على القصد الموعي، ربط دائما بين قيمة العمل ودوافعه، وفصلها عن نتائجه. فليست قيمة العمل في الاسلام بما يحققه من نتائج ومكاسب وخير للعامل أو للناس أجمعين، بل بما ينشأ العمل عنه من دوافع ومدى نظافتها وموضوعيتها وتجاوزها للذات. فمن يتوصل إلى اكتشاف دواء مرض خطير وينقذ بذلك الملايين من المرضى، لا تقدر