ولكن هذه النظرة على خطأ، فأن التطور الاجتماعي في الوسائل والأدوات، وتحول المحراث، في يد الانسان إلى آلة يحركها البخار أو يديرها الكهرباء، انما يفرض التغير في علاقة الانسان بالطبيعة وما تتخذه من اشكال مادية، فكل ما يمثل علاقة بين الانسان والطبيعة، كالزراعة التي تمثل علاقة بين الأرض والمزارع، تتطور شكلا ومضمونا من الناحية المادية تبعا لذلك.
واما العبادات فهي ليست علاقة بين الانسان والطبيعة، لتتأثر بعوامل هذه التطور، وانما هي علاقة بين الانسان وربه، ولهذه العلاقة دور روحي في توجيه علاقة الانسان بأخيه الانسان، وفي كلا هذين الجانبين نجد ان الانسانية على مسار التاريخ تعيش عددا من الحاجات الثابتة التي يواجهها انسان عصر الزيت وانسان عصر الكهرباء على السواء، ونظام العبادات في الاسلام علاج ثابت لحاجات ثابتة من هذا النوع ولمشاكل ليست ذات طبيعة مرحلية، بل تواجه الانسان في بنائه الفردي والاجتماعي والحضاري باستمرار ولا يزال هذا العلاج الذي تعبر عنه العبادات حيا في أهدافه حتى اليوم، وشرطا أساسيا في تغلب الانسان على مشاكله ونجاحه في ممارساته الحضارية.
ولكي نعرف ذلك بوضوح يجب ان نشير إلى بعض الخطوط الثابتة من الحاجات والمشاكل في حياة الانسان، والدور الذي تمارسه العبادات في اشباع تلك الحاجات والتغلب على هذه المشاكل.
وهذه الخطوط هي كما يلي:
1 - الحاجة إلى الارتباط بالمطلق.
2 - الحاجة إلى الموضوعية في القصد وتجاوز الذات.
3 - الحاجة إلى الشعور الداخلي بالمسؤولية كضمان للتنفيذ.
وإليكم تفصيل هذه الخطوط: