وجب عليه بذلك التأديب وإن كان محقا فيما قال لأذاه المسلمين بما يؤلمهم من الكلام، فإن كان المعير بذلك ضالا كافرا مخالفا لأهل الإيمان لم يستحق المعير له به أدبا على حال.
وإذا قذف الانسان جماعة بلفظ واحد فقال لهم وهم حاضرون، يا زناة، أو يا لاطة، أو قال: الجماعة الفلانية لاطة، أو زناة، فقد وجب عليه لكل واحد منهم حد، فإن جاؤوا به مجتمعين حد لهم حدا واحدا وناب ذلك عن حقوق جماعتهم عليه وإن جاؤوا به متفرقين حد لكل واحد منهم، وكذلك إن سبهم بغير الزنى واللواط مما يوجب السب به عليه التعزير فجاؤوا به مجتمعين عزر لجماعتهم بتعزير واحد وإن جاؤوا به متفرقين عزر لكل واحد منهم تعزيرا على حدته.
والشهادة فيما يوجب التعزير كالشهادة فيما يوجب حد الفرية تقوم برجلين مسلمين عدلين والإقرار فيما توجب ذلك مرتان على ما قدمناه، وكل شئ يؤذي المسلمين من الكلام دون القذف بالزنى واللواط ففيه أدب وتعزير على ما يراه سلطان الاسلام، وقد روي أن رجلا قال الآخر: احتلمت البارحة في منامي بأمك، فاستعدى عليه إلى أمير المؤمنين ع وطلب إقامة الحد عليه فقال له أمير المؤمنين ع: إن شئت ضربت ظله ولكني أحسن أدبه لئلا يعود بعدها إلى أذى المسلمين، ثم أوجعه ضربا على سبيل التعزير، ولم يرد أمير المؤمنين ع بقوله: إن شئت ضربت لك ظله، أن ضرب الظل واجب أو شئ ينتفع به وإنما أراد أن الحلم لا يجب به حد وحلم النائم في البطلان كضرب الظل الذي لا يصل ألمه إلى الانسان فنبه ع على تجاهله بالتماس الحدود على الحلم في المنام وضرب له في فهم ما أراد تفهيمه إياه هذا المثال.
وإذا قذف ذمي ذميا بالزنى واللواط وترافعا إلى سلطان الاسلام أدب القاذف ولم يحده كحد قاذف أهل الاسلام، فإن تساب أهل الذمة بما سوى القذف بالزنا واللواط مما يوجب فعله الحدود أدبوا على ذلك كما يؤدب أهل الاسلام، فإن تسابوا بالكفر والضلال أو تنابزوا بالألقاب أو عير بعضهم بعضا بالبلاء لم يؤدب أحد