قلنا: يجوز أن يراد حتى يتوفاهن ملائكة الموت كقوله تعالى: الذين تتوفاهم الملائكة أو:
حتى يأخذهن الموت.
" واللاتي يأتين الفاحشة " أي يرهقنها، يقال: أتى الفاحشة وجاءها وغشيها ورهقها، والفاحشة الزنى لزيادتها في القبح على كثير من القبائح.
وقيل: نزلت هذه الآية في الساحقات وما بعدها في اللواطين.
مسألة:
وقوله تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا، الجلد: ضرب الجلد، كما يقال: ظهره ورأسه.
وهذا حكم من ليس بمحصن من الزناة والزواني فإن المحصن حكمه الرجم.
وشرائط الإحصان عند أبي حنيفة ست: الاسلام والحرية والعقل والبلوغ والتزوج بنكاح صحيح والدخول، وعند الشافعي الاسلام ليس بشرط.
فإن قيل: اللفظ يقتضي تعليق الحكم بجميع الزناة والزواني لأن قوله تعالى: الزانية والزاني، عام في المحصن وغير المحصن.
قلنا: هما يدلان على الجنسين دلالة مطلقة، والجنسية قائمة في الكل والبعض جميعا فأيهما قصد المتكلم فلا يطلق إلا عليه كما يفعل بالاسم المشترك، وإنما ابتدأها هنا بذكر النساء وفي آية السرقة بالرجال للتغليب ولأن الحد بالجلد إنما يجب على الرجل الشاب غير المحصن إذا زنا وقد طاوعته المرأة، فإن أكرهها وغصب فرجها فإنه يجب ضرب عنقه البتة.
مسألة:
وقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء... الآية.
الذي يقتضيه ظاهرها أن تكون الجمل الثلاث بمجموعهن جزاء الشرط كأنه قيل:
ومن قذف المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم، أي فاجمعوا لهم الجلد والرد والتفسيق إلا الذين تابوا.