الساحقات، وقوله تعالى: واللذان يأتيانها منكم فآذوهما، في أهل اللواط.
وأجمع السلف والخلف ما خلاه على: أن الآيتين في الزناة والزواني وأن هذين الحكمين كانا في أول الاسلام ثم نسخا بحكم الجلد والرجم.
ثم اعلم أن اللواطي إذا أوقب في الدبر يجب فيه القتل من غير مراعاة للإحصان فيه، والذي يقوى ذلك أن الحدود إنما وضعت في الشريعة للزجر عن فعل الفواحش والجنايات وكلما كان الفعل أفحش كان الزجر أقوى، ولا خلاف في أن اللواط أفحش من الزنى والكتاب ينطق بذلك فيجب أن يكون الزجر أقوى وليس هذا بقياس لكنه ضرب من الاستدلال، وربما قيل: إن اللواط أفحش من الزنى لأنه إصابة لفرج لا يستباح إصابته وليس كذلك الزنى، على أنه ليس يلزمنا تعليل الأحكام الشرعية، فمتى نص الله على حكم في كتابة أو على لسان نبيه ع فنحن نتلقاه بالقبول.
وعن محمد بن أبي حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد الله ع أنه: دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق، فقال: حدها الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر الله ذلك في القرآن، فقال: بلى، فقالت: وأين؟ قال: هن أصحاب الرس.
فإذا ساحقت المرأة أخرى وجب على كل واحدة منهما مائة جلدة حدا، وإن كانتا محصنتين كان على كل واحدة منهما الرجم.
ويثبت الحكم فيه بقيام البينة وهي شهادة أربعة عدول أو إقرار المرأة على نفسها أربع مرات دفعة بعد أخرى من غير إكراه مع كمال عقلها.
وأما اللواط - وهو الفجور بالذكران - فيثبت فيه الحد بإقرار المرء على نفسه فاعلا كان أو مفعولا أربع مرات على ما ذكرناه أو قيام البينة يشهدون على الفاعل والمفعول به في الفعل ويدعون المشاهدة كالميل في المكحلة كما هو في الزنى.
ومن ثبت عليه حكم اللواط بفعله الإيقاب كان حده أحد خمسة أشياء: إما أن يرمى من مكان عال أو يرمى عليه جدار أو تضرب رقبته أو يرجم أو يحرق بالنار، وإن أقيم عليه الحد بأحد الأربعة ثم يحرق جاز ذلك تغليظا وتهييبا للعقوبة وتعظيما لها.
والجامع بين الفاجرين يجب عليه ثلاثة أرباع حد الزاني.