وأما الأذى المذكور في الآية فليس بمنسوخ فإن الزاني يؤذى ويوبخ على فعله ويذم، وإنما لا يقتصر عليه فزيد في الأذى إقامة الحد عليه، وإنما نسخ الاقتصار عليه.
وروي أن امرأة أتت عمر فقالت: إني فجرت فأقم على حد الله، فأمر برجمها وكان أمير المؤمنين ع حاضرا فقال: له سلها كيف فجرت، قالت: كنت في فلاة من الأرض أصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها أعرابيا فسألته الماء فأبى على أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي فوليت منه هاربة فاشتد في العطش حتى غارت عيناي فلما بلغ مني أتيته فسقاني ووقع علي، فقال ع: هذه التي قال الله تعالى:
فمن اضطر غير باع ولا عاد فلا إثم عليه، هذه غير باغية ولا عادية، فخلى سبيلها.
فصل:
أما قوله: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... الآية، فإن حكم الزنى لا يثبت إلا بشيئين:
أحدهما: بإقرار الفاعل بذلك على نفسه مع كمال عقله من غير إجبار أربع مرات في أربع مجالس، فلو أقر بالوطئ في الفرج أربعا حكم له بالزنى وإن أقر أقل من ذلك كان عليه التعزيز.
والثاني: قيام البينة بالزنى وهو أن يشهد أربعة عدول على مكلف بأنه وطئ امرأة ليس بينه وبينها عقد ولا شبهة عقد وشاهدوا وطئها في الفرج، فإذا شهدوا كذلك قبلت شهادتهم وحكم عليه بالزنى ووجب عليه ما يجب على فاعله من أي قسم كان على ما ذكرناه.
أمر الله في هذه الآية أن يجلد الزاني والزانية إذا لم يكونا محصنين كل واحد منهما مائة جلدة، وإذا كانا محصنين أو أحدهما كان على المحصن الرجم بلا خلاف.
وعندنا: أنه يجلد أولا مائة جلدة ثم يرجم وفي أصحابنا من خص ذلك بالشيخ والشيخة إذا زنيا وكانا محصنين كما ذكرناه، فأما إذا كانا شابين محصنين لم يكن عليهما غير الرجم، وهو قول مسروق.
والإحصان الذي يوجب الرجم هو: أن يكون له زوج يغدو إليه ويروح على وجه