وقال الجبائي: النفي يجوز من طريق اجتهاد الإمام وأما من وجب عليه الجلد والرجم فإنه يجلد أولا ثم يرجم، وأكثر الفقهاء على أنهما لا يجتمعان في الشيخ الزاني المحصن أيضا.
وثبوت الرجم معلوم من جهة التواتر لا يختلج فيه شك ولا اعتداد بخلاف الخوارج فيه.
وأما قوله: واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما المعنى بقوله: " اللذان " فيه ثلاثة أقوال أقواها ما قال الحسن وعطاء: إنهما الرجل والمرأة، وقال السدي وابن زيد: هما البكران من الرجال والنساء، وقال مجاهد: هما الرجلان الزانيان.
قال الرماني: قول مجاهد لا يصح لأنه لو كان كذلك لكان للتثنية معنى لأنه إنما يجئ الوعد والوعيد بلفظ الجمع لأنه لكل واحد منهم أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس الذي يعمهم جميعهم وأما التثنية فلا فائدة فيها، والأول أظهر.
وقال أبو مسلم: هما الرجلان يخلوان في الفاحشة بينهما.
والذي عليه جمهور المفسرين أن الفاحشة هي الزنى ههنا وأن الحكم المذكور في هذه الآية منسوخ بالحد المفروض في سورة النور، وبعضهم قال: نسخها الحدود بالرجم أو الجلد.
وقوله تعالى: فآذوهما، قيل في معناه قولان: أحدهما قول ابن عباس وهو: التعيير باللسان والضرب بالنعال، وقال مجاهد: هو التوبيخ.
فإن قيل: كيف ذكر الأذى بعد الحبس؟
قلنا: فيه ثلاثة أوجه: أحدها:
قول الحسن: إن هذه الآية نزلت أولا ثم أمر بأن يوضع في التلاوة بعد مكان الأذى أولا ثم الحبس ثم بعد ذلك نسخ الحبس بالجلد أو الرجم.
الثاني: قال السدي: إنه في البكرين خاصة دون الثيبين والأولى في الثيبين دون البكرين.
الثالث: قول الفراء: إن هذه الآية نسخت الأولى.
وقال الجبائي: في الآية دلالة على نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها لأنها نسخت بالرجم أو الجلد والرجم ثبت بالسنة ومن خالف في ذلك يقول: هذه الآية نسخت بالجلد في الزنى وأضيف إليه الرجم زيادة لا نسخا، ولم يثبت نسخ القرآن بالسنة.