واختلف أقوال أصحابنا في تصانيفهم في معنى الشرط للعامل في الربح هل يلزم أم لا، فبعض يذكر أنه يستحق ما وقع الشرط عليه من الربح، وبعض يذكر أنه لا يستحق ذلك بل يجب له أجرة المثل دون ما وقع عليه الشرط من الربح ويجعل القول الأول رواية، وهو قول شيخنا أبي جعفر في نهايته، ورجع عنه في مبسوطه ومسائل خلافه واستبصاره وهو الذي يقوى في نفسي وأعمل عليه وأفتى به، والذي يدل على صحة ذلك إجماع أصحابنا المخالف في المسألة والمؤالف وتواتر أخبارهم في: أن المضارب إذا اشترى أباه أو ولده بالمال وكان فيه ربح - على ما قدمناه - فإنه ينعتق عليه، فلو لم يكن شريكا بحسب الشرط في الربح لما انعتق عليه لأنه لو كان له أجرة المثل لما صح العتق ولا تقدر لأن الأجرة في ذمة صاحب المال يوفيه إياها من أي أمواله أراد، وأيضا قوله ع: الشرط جائز بين المسلمين، وهذا شرط جائز لا يمنع منه كتاب ولا سنة ولا إجماع لأن الاجماع غير حاصل على المنع منه وكتاب الله تعالى خال منه والسنة المتواترة، وكذلك قوله ع: المؤمنون عند شروطهم، وهذا إخبار بمعنى الأمر ومعناه: يجب عليهم أن يوفوا بشروطهم، والذي ذكره شيخنا في مبسوطه في الجزء الأول في كتاب الزكاة في فصل في مال التجارة قال: من أعطى غيره مالا مضاربة على أن يكون الربح بينهما فاشترى مثلا بألف سلعة فحال الحول وهي تساوى ألفين فإن زكاة الألف على رب المال، والربح إذا حال عليه الحول من حين الظهور كان فيه الزكاة على رب المال نصيبه وعلى العامل نصيبه إذا كان العامل مسلما، فإن كان ذميا يلزم رب المال ما يصيبه ويسقط نصيب الذمي لأنه ليس من أهل الزكاة هذا على قول من أوجب له الربح من أصحابنا وهو الصحيح، فأما من أوجب له أجرة المثل فزكاة الأصل والربح على رب المال، هذا آخر قول شيخنا أبي جعفر في مبسوطه من غير زيادة ولا نقصان حكيته حرفا فحرفا.
وذكر رحمه الله في الجزء الثاني في كتاب القراض مواضع كثيرة: أن للعامل من الربح ما وقع الشرط عليه، ويحمل قول من قال وذكر في كتابه: أن له أجرة المثل، على أنه إذا كانت المضاربة فاسدة فإن شيخنا أبا جعفر قال في مسائل خلافه مسألة: إذا كان القراض فاسدا استحق العامل أجرة المثل على ما يعمله سواء كان في المال ربح أو لم يكن، ثم قال: دليلنا أنه عمل بإذن