الكافي فصل في الوديعة:
الوديعة أمانة يجب حفظها وردها عقلا، ولها أحكام شرعية اقتضت إيرادها هاهنا:
فمنها أن المرء مخير في قبولها، والامتناع منه أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع، فإذا قبلها وجب عليه حفظها كماله، ولم يجز له التفريط، ولا التصرف في عينها، ولا تعدى المرسوم، فإن فرط في حفظها أو تعدى مرسوما أو تصرف في عينها ضمنها وما أربحت وهو مأزور، وتلزمه إضافة ربحها إليها ورد الجميع إلى المودع متى طلبها أو من يقوم مقامه في استحقاقها.
فإن طلبها من لا يستحقها لم يجز له الإقرار بها، ولا تسليمها، فإن أكره على الإقرار بها بالقتل جاز له ولا يجوز له أن يسلمها وإن خاف القتل، فإن سلمها بيده أو بأمره ضمنها، فإن هجم الغاصب منزله فأخذها قسرا فلا ضمان عليه.
فإن مات المودع قام ورثته مقامه في حفظها وتسليمها إلى مستحقها، وإن مات المودع لم يجز للمودع ولا من يقوم مقامه تسليمها إلى ورثته حتى يحيط علما بتكاملهم وتعين استحقاقهم، ولا يجوز له تسليمها إلى من لا يعلم أنه لا يستحقها من الأهل وإن حكم بها ظالم على غير موجب الشريعة في التوريث، وليخص بتسليمها من يعلم كونه مستحقا لها في الملة.
فإن اضطر إلى الجوز فليسلمها إلى من يعلم أنه يستحقها دون غيره فيكون التعدي عليه دون المودع، فإن أعطاها أو بعضها من لا يستحقها من أقارب المودع فهو ضامن، وإن