فقه القرآن باب الوديعة:
شش اعلم أن الوديعة حكم في الشريعة، لقوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وقال تعالى: فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته.
والوديعة مشتقة من ودع يدع إذا استقر و سكن، يقال: أودعته أودعه إذا أقررته وأسكنته، وروي: أن النبي ع كانت عنده ودائع بمكة فلما أراد أن يهاجر أودعها أم أيمن وأمر عليا ع بردها على أصحابها، فإذا ثبت ذلك فالوديعة أمانة لا ضمان على المودع ما لم يفرط، وقال النبي ص ليس على المودع ضمان.
فأما قوله تعالى: ومن أهل لكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، يعني به النصارى لأنهم لا يستحلون أموال من خالفهم: ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك، يعني اليهود لأنهم يستحلون مال كل من خالفهم في حل السبت: إلا ما دمت عليه قائما، على رأسه بالتقاضي والمطالبة قائما بالاجتماع والملازمة. والفرق بين تأمنه بقنطار وعلى قنطار أن معنى الباء إلصاق الأمانة ومعنى على استعلاء الأمانة، وهما متعاقبان في هذا الموضع لتقارب المعنى كما يقال: مررت به وعليه، ويمكن أن تكون الفائدة أن هؤلاء لا يؤدون الأمانة لاستحلالهم ذلك، لقوله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأمين سبيل، وسائر الفرق وإن جان فيهم من لا يؤدي لأمانة لا يستحلها.
قال جماعة: اليهود: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل لأنهم مشركون، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم وهم يعلمون أن هذا هو الكذب على الله، فإذا ثبت ذلك