فقه القرآن باب المزارعة والمساقاة:
المزارعة والمخابرة اسمان لعقد واحد وهو استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها، والدليل عليه الاجماع والسنة ويمكن الاستدلال عليه أيضا من القرآن بالآيات التي استدللنا بها على صحة الشركة، فإذا ثبت ذلك فالمعاملة على الأصل ببعض ما خرج من نمائها على ثلاثة أضرب: معارضة ومزارعة ومساقاة، فالمعارضة تصح بلا خلاف بين الأمة والمساقاة أيضا جائزة إلا عند أبي حنيفة وحده، والمزارعة على ضربين: ضرب باطل بلا خلاف وضرب مختلف فيه.
فالباطل هو أن يشرط لأحدهما شيئا بعينه ولم يجعله مشاعا، مثل أن يعقد المزارعة على أن يكون لأحدهما ما يدرك أو لا وللآخر ما يتأخر إدراكه أو على أن الشتوي لأحدهما والصيفي للآخر، فهذا باطل بلا خلاف لأنه قد ينمي أحدهما ويهلك الآخر.
والضرب المختلف فيه هو أن يزارعه على سهم مشاع، مثل أن يجعل له النصف أو الثلث أو أقل أو أكثر كان ذلك جائزا عندنا وفيه خلاف للفقهاء، وإن قال: لي منها النصف، علم أنه ترك الباقي للعامل كقوله تعالى: وورثه أبواه فلأمه الثلث، علم أن للأب ما بقي.
والمساقاة هي أن يدفع الانسان نخله أو كرمه إلى غيره على أن يصلحه ويسقيه وما يرزق الله من ثمره كانت تبينهما على ما يشترطانه، وهي جائزة بشرطين: مدة معلومة كالإجارة، ويكون قدر نصيب العامل معلوما كالقراض، وهي من العقود اللازمة لأنها