المهذب كتاب المضاربة المضاربة والمقارضة بمعنى واحد وهو أن يدفع انسان إلى غيره مالا ليتجر فيه على أن ما رزق الله سبحانه كان ما بينهما على ما يشترطانه، وهما لغتان: فالمضاربة لغة أهل العراق والقراض لغة أهل الحجاز.
والقراض من العقود الجائزة في الشريعة بغير خلاف وليس يجوز القراض إلا بالأثمان من الدنانير والدراهم ولا يجوز بغيرهما ولا يصح بالنقرة لأنها معتبرة بالقيمة كالحيوان والثياب.
وإن دفع انسان إلى حائك غزلا وأمره بأن ينسجه ثوبا على أن يكون الفضل بينهما كان ذلك قراضا باطلا لأن القراض إنما يصح بأن يتصرف العامل في رقبة المال ويقلبها ويتجر فيها، فإذا كان غزلا كان ذلك نفس المال وعينه ويكون ذلك لصاحب المال وللعامل أجرة مثله، وإذا دفع انسان إلى غيره ثوبا وقال له: بعه فإذا حصل ثمنه فقد قارضتك عليه، كان باطلا لأن القراض لا يصح بمال مجهول وهذا قراض بمال مجهول لا تعرف قيمته وقت العقد وللعامل أجرة مثله، وإذا دفع انسان إلى صياد شبكة وقال له: اصطد بها فما رزق الله سبحانه من صيد فهو بيننا، كان باطلا، فإن اصطاد شيئا كان له دون صاحب الشبكة لأنه صيده ويكون لصاحب الشبكة أجرة مثله.
وإذا قال: قارضتك على ألف سنة فإن انتهت فلا تبع ولا تشتر، كان باطلا لأن من مقتضى القراض تصرف العامل في المال إلى أن يؤخذ منه نضا، وإذا قال له: قارضتك