غنية النزوع فصل في الوديعة المرء مخير في قبول الوديعة والامتناع من ذلك وهو أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع، ويجب عليه حفظها بعد القبول لها كما يحفظ ماله.
وهي أمانة لا يلزم ضمانها إلا بالتعدي، فإن تصرف فيها أو في بعضها ضمنها وما أربحت، وكذا إن فك ختمها أو حل شدها أو نقلها من حرز إلى ما هو دونه كان متعديا ويلزمه الضمان بدليل إجماع الطائفة، وكذا إن لم يكن هناك ضرورة من خوف نهب أو غرق أو غيرهما فسافر بها أو أودعها أمينا آخر وصاحبها حاضر أو خالف مرسوم صاحبها في كيفية حفظها، وكذا لو أقر بها لظالم يريد أخذها من دون أن يخاف القتل أو سلمها إليه بيده أو بأمره وإن خاف ذلك، ويجوز له أن يحلف أنه ليس عنده وديعة إذا طولب بذلك ويوري في يمينه بما يسلم به من الكذب بدليل الاجماع المشار إليه، ولا ضمان عليه إن هجم الظالم فأخذ الوديعة قهرا.
ولو تعدى المودع ثم أزال التعدي مثل أن يردها إلى الحرز بعد اخراجها لم يزل الضمان لأنه لا خلاف أنه كان لازما له قبل الرد ومن ادعى سقوطه عنه بعده فعليه الدليل، ولو أبرأه صاحبها من الضمان بعد التعدي وقال: قد جعلتها وديعة عندك من الآن، برئ لأن ذلك حق له فله التصرف فيه بالإبراء والإسقاط، ويزول الضمان بردها إلى صاحبها ووكيله سواء أودعه إياها مرة ثانية أم لا بلا خلاف.
وإذا علم المودع أن المودع لا يملك الوديعة لم يجز له ردها إليه مع الاختيار بل يلزمه رد