ردها إلى ملكه مثل أن يكون دابة فيردها إلى إصطبل صاحبها ويشدها فيه لم يبرأ من ضمانها، وإذا اختلف صاحب دابة وراكبها فقال صاحبها: أكريتكها، وقال الراكب:
أعرتنيها مضمونة، كان القول قول الراكب مع يمينه وعلى صاحبها البينة لأنه يدعي أجرة الركوب، وكذلك الحكم في الأرض المستعارة للزراعة إذا اختلف صاحبها والزارع فادعى الزارع العارية وادعى صاحب الأرض الإيجار فإن القول قول الزارع مع يمينه.
التعدي في العارية:
وإذا استعار دابة إلى موضع معين فجاوزه كان عليه الضمان وكذلك إذا استعارها يوما أو شهرا فزاد على ذلك، وإذا استعار انسان من غيره أرضا لبناء أو غرس وأذن له في ذلك كان جائزا، فإذا كان المعير أذن له في البناء والغرس فزرع كان جائزا لأن ضرر الزرع أقل من ضرر البناء والغرس، فإن أذن له في الزرع فبنى أو غرس لم يجز ذلك لأن ضرر البناء والغرس أعظم وليس يكون الإذن في القليل إذنا في الكثير، فإن أذن له في زرع الحنطة فزرع ذرة أو ما جرى مجراها لم يجز ذلك لأن ضرر الذرة أعظم من ضرر الحنطة، فإن أذن له في البناء فغرس أو في الغرس فبنى لم يجز له ذلك لأن ضرر أحدهما مخالف لضرر الآخر.
واعلم أنه ليس من شرط العارية تقدير المدة فإن قدر ذلك كان جائزا، فإن أطلق له وأذن في البناء والغرس كان له ذلك ما لم يمنعه، فإن منعه لم يكن له بعد المنع فعل شئ من ذلك فإذا منعه سقط الإذن، فإن كانت المدة مقدرة كان له البناء والغرس ما لم تنقض المدة فإذا انقضت لم يكن له إحداث شئ بعد ذلك، فإن غرس أو بنى أو انتفع بشئ من وجوه الانتفاع الذي ليس له كان متعديا وله المطالبة بقلعه من غير شئ يضمنه، فإذا كان له قلعها فإن عليه أجرة المثل إن كان تعدى بذلك فإذا قلعها كان عليه تعديل الأرض وتسوية الحفر وطمها لأنه أحدثها من غير إذن صاحب الأرض ولا رضاه.