إذا قال خذ هذا المال قراضا على أن يكون الربح كله لي كان ذلك قراضا فاسدا لأن لفظ القراض يقتضي أن يكون الربح بينهما، وإذا قال: خذ هذا المال وانتفع به واتجر والربح كله لك، فهذا قرض لا قراض ويكون المال قرضا على المستقرض وجميع الربح له لأنه ربح ماله، وإن قال له: خذ هذا المال اشتر لي السلعة الفلانية والربح كله لي، فهذا بضاعة سأله أن يشترى له بها ما ذكره فالربح كله لصاحب المال دون المشتري، وقد قدمنا هذا الكلام فيما مضى من كتابنا هذا وأعدناه لأنه موضعه.
إذا كان العامل نصرانيا فاشترى بمال القراض خمرا أو خنزيرا كان جميع ذلك باطلا.
ذكر شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة فقال: إذا دفع إليه ألفا للقراض فاشترى به عبدا للقراض فهلك الألف قبل أن يدفعه في ثمنه اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب، اختار شيخنا منها أن المبيع للعامل والثمن عليه ولا شئ على رب المال، ثم قال: دليلنا أنه لا يخلو أن يكون الألف تلف قبل الشراء أو بعده، فإن كان التلف قبل الشراء وقع الشراء للعامل لأنه اشتراه بعد زوال القراض، وإن كان التلف بعد الشراء وقع لرب المال وعليه أن يدفع الثمن من ماله الذي سلمه إليه، فإذا هلك المال تحول الملك إلى العامل وكان الثمن عليه لأن رب المال إنما فسح للعامل في التصرف في ألف إما أن يشتريه به بعينه أو في الذمة وينقد ثمنه ولم يدخل على أن يكون له في القراض أكثر منه.
قال محمد بن إدريس: الذي عندي في ذلك أنه لا يخلو: إما أن يكون اشترى المضارب العبد بثمن في الذمة لا معين أو بثمن معين، فإن كان الأول فالعبد للمضارب دون رب مال المضاربة، ويجب على العامل الذي هو المضارب أن يدفع من ماله وخاصه ألفا ثمن العبد، والبيع لا ينفسخ لأن الأثمان إذا كانت في الذمة لا ينفسخ البيع بهلاكها لأنها غير معينة.
وإن كان الثاني فإن البيع ينفسخ ويكون العبد ملكا لبائعه على ما كان دون العامل ودون رب مال المضاربة، لأن الثمن إذا كان معينا وهلك قبل القبض انفسخ البيع وكان الملك المبيع باقيا.
وعائدا إلى ملك بائعه بغير خلاف.