السرائر باب الوديعة:
الوديعة مشتقة من ودع يدع إذا استقر وسكن، والوديعة عقد جائز من الطرفين من جهة المودع متى شاء أن يستردها فعل، ومن جهة المودع متى شاء أن يردها فعل، والإنسان مخير في قبول الوديعة والامتناع من ذلك وهو أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع، ويجب عليه حفظها بعد القبول كما يحفظ ماله، وهي أمانة لا يلزم ضمانها إلا بالتعدي، فإن شرط صاحبها ضمانها كان الشرط باطلا لأنه شرط يخالف الكتاب والسنة.
فإن تصرف فيها أو في شئ منها ضمنها، وكذا إن فك ختمها أو فتح قفلها أو شد حلها أو نقلها من حرز إلى ما هو دونه كان متعديا ويلزمه الضمان، وكذا إن لم يكن هناك ضرورة من خوف نهب أو غرق أو غيرهما فسافر بها أو أودعها أمينا آخر وصاحبها حاضر أو خالف مرسوم صاحبها في كيفية حفظها، وكذا لو أقر بها لظالم يريد أخذها من دون أن يخاف الضرر من القتل أو الضرب أو يسلمها إليه بيده أو يأمره، وإن خاف ذلك على قول بعض أصحابنا.
والأولى والأصح والأظهر أنه متى خاف الضرر ونزوله به فلا يكون ضامنا بخروجها من يده وإعطائه الظالم إياها على سائر الأحوال، فإن قنع الظالم منه بيمينه فله أن يحلف ويوري في ذلك ولا يجوز له تسليم الوديعة إلى الظالم عند هذه الحال، فإن سلمها وترك اليمين كان ضامنا، ولا ضمان عليه إن هجم الظالم فأخذها قهرا.
ولو تعدى المودع ثم أزال التعدي مثل أن يردها إلى الحرز بعد اخراجها منه لم يزل