المقنع باب الوديعة:
ومن استودع غيره شيئا فهلك في يد المودع من غير تفريط من فيه أو تعد لم يكن عليه ضمان في ذلك، فإن فرط في حفظه أو تعدى فيه كان ضامنا له، وإذا أحرز المودع الوديعة بحيث يحرز ماله ثم خاف على ماله فنقله إلى حرز آخر كان عليه نقل الوديعة مع ماله إلى حيث يحرزه فيه فإن لم يفعل ذلك كان ضامنا لها، وإذا اختلف المودع والمودع في قيمة الوديعة كان القول قول صاحبها مع يمينه بالله عز وجل، وإذا أودع الانسان غيره مالا فحركه المودع واتجر به فهو ضامن له، فإن أفاد المال ربحا كان لصاحبه دون المودع وإن خسر كان عليه جبرانه وتمامه.
والوديعة أمانة للبر والفاجر لا تحل خيانة أحد فيها، فإن كانت الوديعة من أموال المسلمين وغصبوهم وعرف المودع أربابها بأعيانهم كان عليه رد كل مال إلى صاحبه ولم يجز له ردها إلى الظالم إلا أن يخاف على نفسه من ذلك، وإن لم يعرف أربابها أخرج منها الخمس إلى فقراء آل محمد ص وأيتامهم وأبناء سبيلهم وصرف منها الباقي إلى فقراء المؤمنين، فإن خاف من ذلك على نفسه لم يكن عليه حرج في رددها علي الظالم، وإن لم يخف كان مأثوما بردها عليه.
وإذا مات الظالم والوديعة عند المؤتمن صرفها فيما ذكرناه ولم يعط ورثته منها شيئا، فإن استحلفوه عليها حلف لهم وهو مأجور غير مأزور، فإن كانت الوديعة مختلطة بحلال وحرام أو لم يكن يعرف المودع حالها فليس له التصرف فيها بما ذكرناه وعليه ردها إلى الذي