مستحقة.
إذا استأجر راعيا ليرعي له غنما بأعيانها جاز العقد ويتعين في تلك الغنم بأعيانها وليس له أن يسترعيه أكثر من ذلك، وإن هلكت لم يبدلها وانفسخ العقد بينهما فيها، وإن هلك بعضها لم يبدله وانفسخ العقد فيه، وإن نتجت لم يلزمه أن يرعى نتاجها لأن العقد يتناول العين واختص بها دون غيرها.
فأما إذا أطلق ذلك واستأجره ليرعي له غنما مدة معلومة فإنه يسترعيه القدر الذي يرعاه الواحد في العادة من العدد، فإذا كانت العادة مائة استرعاه مائة، ومتى هلك شئ منها أو هلكت كلها كان له إبدالها، وإن ولدت كان عليه أن يرعى سخالها معها لأن العادة في السخال ألا تنفصل عن الأمهات في الرعي.
إذا اكترى بهيمة ليقطع بها مسافة معلومة فأمسكها قدر قطع تلك المسافة ولم يسيرها فيها استقرت عليه الأجرة إذا انقضت المدة في الإجارة استوفى المكتري حقه أو لم يستوف، وهل يصير ضامنا بعد مضي المدة وقبل تسليمها إلى صاحبها من غير أن يطلبها صاحبها أم لا؟ قال قوم: يصير ضامنا ويجب عليه الرد، وقال آخرون: لا يصير ضامنا ولا يجب عليه الرد إلا بعد مطالبة صاحبها بالرد لأن هذه أمانة فلا يجب ردها إلا بعد المطالبة مثل الوديعة.
وهذا الذي يقوى عندي لأن الأصل براءة الذمة فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل، واختار شيخنا أبو جعفر في مبسوطه القول الأول واحتج بأن قال: وإنما قلنا ذلك لأن ما بعد المدة غير مأذون له في إمساكها ومن أمسك شيئا بغير إذن صاحبه وأمكنه الرد فلم يرد ضمن. ثم قال:
وفي الناس من قال: لا يضمن ولا يجب عليه الرد وأكثر ما يلزمه أن يرفع يده عن البهيمة إذا أراد صاحبها أن يسترجعها لأنها أمانة في يده فلم يجب عليه ردها مثل الوديعة. وهذا الذي اخترناه وهو الصحيح. فأما ما تمسك به شيخنا رحمه الله في نصرة ما ذهب إليه واختاره بما ذكره فبعيد ويعارض بالرهن إذا قضى الراهن الدين ولم يطالب برد الرهن وهلك فلا خلاف أن المرتهن لا يكون ضامنا، وإن كان قال للمرتهن: أمسك هذا الرهن إلى أن أسلم إليك حقك، فقد أذن له في إمساكه هذه المدة ولم يأذن فيما بعدها نطقا بل بقي على أمانته على ما كان أولا فكذلك في