في قطعه قميصا فقطعته قباء، وقال الخياط: بل أذنت في قطعه قباء، فالقول في ذلك قول رب الثوب دون الخياط لأن الثوب له والخياط مدع للإذن في قطع القباء فعليه البينة.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل الخلاف في كتاب الوكالة: القول قول الخياط، إلا أنه رجع عن ذلك أيضا في مسائل الخلاف في كتاب الإجارات وقال: القول في ذلك قول صاحب الثوب، وهذا هو الصحيح.
يجوز إجارة الدراهم والدنانير لأنه لا مانع منه ولأنه يصح الانتفاع بها من غير استهلاك عينها مثل الجمال والنظر والزينة، وكذلك يجوز إجارة الحلي من الذهب والفضة لما قدمناه، فإذا ثبت ذلك فيحتاج أن يعين جهة الانتفاع بها فإن عين صح وإن أطلق لم تصح الإجارة ويكون قرضا.
هكذا قال شيخنا في مبسوطه، ولو قلنا: إنه تصح الإجارة سواء عين جهة الانتفاع أو لم يعين، كان قويا إذ لا مانع منه ولا يكون قرضا لأنه استأجرها منه، ومن المعلوم أن العين المستأجرة لا يجوز التصرف في إذهاب عينها بل في منافعها فيحمل الإطلاق على المعهود في الشرع والعرف، والذي يقوى في نفسي بعد هذا جميعه أن الدنانير والدراهم لا يجوز إجارتها لأنه في العرف المعهود لا منفعة لها إلا بإذهاب أعيانها، وأيضا فلا خلاف أنه لا يصح وقفهما فلو صح إجارتهما صح وقفهما، فأما المصاع منها فإنه يصح إجارته لأن له منفعة يصح استيفاؤها مع بقاء عينه، وربما حققنا القول في ذلك وأشبعناه في آخر الباب إن شاء الله تعالى.
يجوز إجارة كلب الصيد والحائط والماشية والزرع لأنه لا مانع منه ولأن بيع هذه الكلاب عندنا يصح وما يصح بيعه يصح إجارته، ويجوز إجارة السنور لاصطياد الفأر لأنه لا مانع منه.
إذا استأجره ليطحن حنطة معلومة بمكوك دقيق منها كان صحيحا، والأولى أن يكون المكوك مشاعا غير مقسوم فيكون جزءا منها عشرا أو أكثر أو أقل، فإذا عقد العقد استحق المكوك وصار شريكا قبل الطحن، فأما إذا قال: بمكوك دقيق منها بعد طحنها، فهذا ليس بمضمون والأجرة ينبغي أن تكون مضمونة في الذمة أو معلومة مشاهدة مسلمة