إذا آجر عبده مدة معلومة ثم إنه أعتقه نفذ عتقه فيه لأنه مالك الرقبة كما لو أعتقه قبل الإجارة، فإذا ثبت ذلك فالإجارة بحالها وهي لازمة للعبد. وهل له أن يرجع على السيد بأجرة المثل لما يلزمه بعد الحرية؟ قيل فيه قولان: أحدهما يرجع بأجرة المثل في تلك المدة، والآخر لا يلزمه. وهو الصحيح، لأنه لا دليل عليه والأصل براءة الذمة.
إذا آجر الأب أو الوصي أو الولي الصبي أو شيئا من أمواله صح ذلك كما يصح بيع ماله، فإذا بلغ وقد بقي من مدة الإجارة بعضها لم يكن له فسخها فيما بقي.
إذا آجر عبده سنة معلومة فمات العبد بعد استيفاء منافعه ستة أشهر فلا خلاف أن العقد فيما بقي يبطل وفيما مضى لا يبطل عندنا، وفي المخالفين من قال: يبطل مبنيا على تفريق الصفقة، فإذا ثبت بما قلناه أن الإجارة صحيحة فيما مضى وباطلة فيما بقي فهو بالخيار بين أن يطالب بأجرة المثل وبين ترك المطالبة، فإن طالب فإن كان أجرة ما بقي مثل أجرة ما مضى فإنه يأخذه، وإن كان فيما بقي من المدة أجرته أكثر مما مضى فإنه يستحق تلك الزيادة، وذلك مثل أن تكون أجرة المدة التي مضت مائة درهم ومدة ما بقي مائتين فإنه يستحق عليه مائة، وهكذا في أجرة الدار إذا آجر دارا ثم انهدمت حرفا فحرفا.
الإجارة على ضربين: معينة وفي الذمة. فالمعينة: أن يستأجر دارا أو عبدا شهرا أو سنة، وفي الذمة: أن يستأجر من يبني له حائطا أو يخيط له ثوبا، وكلاهما لا يمنع من دخول خيار الشرط مانع لقوله ع: المؤمنون عند شروطهم.
إذا اكترى دابة نظرت، فإن كان اكتراها ليحمل عليها الأمتعة فالسوق على المكاري، وإن كان ليركب عليها فالسوق عليه دون المكاري، فإن اختلفا في النزول فقال المكاري: ينزل في طرف البلد موضعا يكون قريبا إلى الماء والكلأ، وقال المكتري: لا بل ينزل في وسط البلد حتى يكون متاعي محفوظا، فإنه لا يلتفت إلى قول واحد منهما ويرجع فيه إلى العادة والعرف.
وإذا اكترى بهيمة وذكر أنها تتعبه وتكده، فإن كان ذلك من جهة أنه لا بصر له بعادة الركوب لم يلزم المكاري شئ، وإن كان من جهة البهيمة نظر، فإن كان اكتراها بعينها