الكلام مجازا والكلام في الحقائق دون المجاز لأنه لا يجوز العدول عن الحقيقة إلى المجاز إلا لضرورة أو دليل يضطر إليه، فإذا جعلناها مبعضة كانت حقيقة في معناها. ولو استعمل شيخنا رحمه الله غير هذه العبارة وأتى بالعبارة التي في الأخبار من قول السائل للإمام ع: وأسلمه بأقل من ذلك، استراح وأراح من يعتذر له من الاعتذار.
والذي ينبغي تحصيله وتحريره في هذا جميعه أنه لا تخلو الإجارة إما أن تكون معينة بعمله أو في ذمته. فإن كانت معينة بعمله فلا يجوز له أن يعطيه لغيره بعمله، وإن كانت الإجارة على تحصيل العمل لا بنفسه فله أن يحصل له العمل بنفسه أو بغيره إلا أنه في المسألتين معا يكون ضامنا إذا سلمه لغيره وهلك لأن صاحبه لم يرض بأمانة غيره.
والملاح ضامن لما يحمله إذا غرق بتفريط من جهته، فإن غرقت السفينة بالريح أو غير ذلك من غير تفريط منه لم يكن عليه شئ، والمكاري مثل الملاح يضمن ما يفرط فيه وما لا يفرط فيه لم يكن عليه شئ في هلاكه. ومتى اختلف المكتري والمكاري في هلاك شئ وقع فيه تفريط أم لا كانت البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
وإذا اختلف صاحب المتاع والصانع في التفريط كان على صاحب المتاع البينة فإن لم يكن له بينة فعلى الصانع اليمين.
وروي: أن من استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه كان ما يلزم الأجير من النفقة على المستأجر دون الأجير فإن شرط عليه أن يكون نفقته عليه كان ذلك جائزا.
وذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته على ما روي، والذي يقوى في نفسي أن النفقة لا تلزم إلا الأجير دون المستأجر على كل حال، لأنه إنما يستحق الأجرة وعليه العمل والأصل براءة ذمة المستأجر، ومن أوجب النفقة له يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد على ما بيناه.
وينبغي ألا يستعمل الانسان أحدا إلا بعد أن يقاطعه على أجرته فإن لم يفعل ترك الاحتياط ووجبت أجرة المثل، وإذا فرع الأجير من عمله وطالب بأجرته فلا يجوز تأخيرها بل يجب أن يوفي في حال مطالبته بها وإن كان مستحقا لها حال العقد قبل العمل والفراع