وإجارة المشاع جائزة مثل إجارة المقسوم سواء وإذا قال: آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا، صح على قول بعض أصحابنا فإن سكن أكثر من شهر لزمه المسمى لشهر واحد وفيما زاد على الشهر أجرة المثل.
والذي يقتضيه أصول المذهب أن ذلك لا يجوز ولا يلزم المسمى بل الجميع يستحق أجرة المثل لأنه ما عين أجرة المدة، والعقار يحتاج في صحة العقد عليه أن يذكر أول المدة وآخرها فمن شرط صحتها ذلك، وإنما روي في بعض أخبار ما ذكرناه.
فأما إن قال: آجرتك هذه الدار من هذا الوقت شهرا بكذا وما زاد فبحسابه، فإنه يلزمه المسمى للشهر وما زاد فأجرة المثل. فأما إذا قال: آجرتك هذه الدار شهرا بدينار، ولم يعين الشهر فإنه لا يجوز والإجارة باطلة. فأما إذا قال: آجرتك هذه الدار من هذا الوقت سنة كل شهر بكذا، صح لأنه عين المدة.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يؤجر مدة قبل دخول ابتدائها لافتقار صحة الإجارة إلى التسليم واتصال المنفعة بالعقد، ومنهم وهم الأكثرون المحصلون اختاروا القول بجواز ذلك، وهو الصحيح الذي اخترناه فيما مضى ويعضده قوله تعالى: أوفوا بالعقود، وقوله ع: المؤمنون عند شروطهم. وأما التسليم فهو مقدور عليه حين استحقاق المستأجر له وتعذره قبل ذلك لا ينافي عقد الإجارة.
وقال بعض أصحابنا: ولا يجوز أن يؤجر ما استأجره بأكثر مما استأجر به من جنسه سواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه به. ومنهم من قال: يجوز ذلك على الكراهة دون الحظر، وهو الذي اخترناه وقد قلنا ما عندنا فيه قبل هذا المكان فليلحظ هناك فلا فائدة في إعادته، ولأن الأصل في العقل والشرع جواز التصرف فيما يملك الانسان، فإذا ملك المستأجر التصرف بالعقد جاز أن يملكه لغيره على حسب ما يتفقان عليه من زيادة ونقصان، اللهم إلا أن يكون استأجر الدار على أن يكون هو الساكن والدابة على أن يكون هو الراكب فإنه لا يجوز له والحال هذه إجارة ذلك لغيره على حال.
وقد قلنا: أن المستأجر يملك الفسخ بانهدام الدار أو بعضها أو غرض الأرض على وجه يمنع من