البينة لدى الحاكم على كونها له لا للمقر له، فيأخذها الحاكم ويدفعها إليه؟ لأنه إن كان المقر له حاضرا أو يمكن حضوره فالبينة مؤثرة كما هو واضح، وإن كان غائبا حكم للمدعي ثم الغائب على حجته. نعم لا يمكن إقامة البينة بأن يكون ذو اليد المدعى عليه، لأنه لا يمكن له اليمين في مال المقر له، إلا إذا كان مورد الدعوى وجوب تسليم العين بأن يقيم البينة على الملكية المستتبعة لوجوب تسليمها فيحلف ذو اليد على عدم وجوبه.
وأما إذا سلم المدعى عليه العين إلى المقر له فإما هي باقية بيد المقر له وإما هي تالفة، وهل للمدعي أن يدعي عليه العلم بكون المال له فيحلف على نفي العلم فإن لم يحلف غرم؟ قال المحقق: نعم، وهذه عبارته: (إن قال المدعي: احلفوه أنه لا يعلم أنها لي توجهت اليمين، لأن فائدتها الغرم لو امتنع لا القضاء بالعين لو نكل أورد) وعليه العلامة في القواعد، وقد نسب إلى الشيخ في أحد قوليه، وفي المسالك:
يجوز إن كانت تالفة، أي فإن كانت العين باقية أمر باسترداد ها.. وأما إذا لم يمتنع وحلف على نفي العلم فلا شئ عليه.
قال المحقق: (وقال الشيخ: لا يحلف ولا يغرم لو نكل. والأقرب أنه يغرم، لأنه حال بين المالك وبين ماله باقراره لغيره).
ووجه قول الشيخ هو أن الامتناع لا يستلزم العلم بكونها للمدعي، بل لا يضمن حتى مع الاقرار بذلك، لأنه لا يصدق عليه عنوان التلف حينئذ فلا وجه للضمان.
قلت: والتحقيق هو أن الحكم بالغرم بالامتناع عن اليمين على نفي العلم متوقف على توفر ثلاث مقدمات إحداها: أن يكون الاقرار لغيره بمنزلة الاتلاف للمال. والثانية: أن يكون الامتناع عن هذه اليمين بمنزلة الاقرار للمدعي. والثالثة أن يكون العلم بكون العين للمدعي جزءا لموضوع الضمان أو تمام الموضوع، وأما إذا لم يكن للعلم دخل في الضمان كما هو الصحيح لأن اليد كافية في ثبوت الضمان فلا أثر لليمين على نفي العلم.