أن بيت الله تعالى محل أمن وأمان ومن دخله فقد دخل دار الأمن والسلام كائنا من كان؟
أقول: إن اجراء الحد في الحرم على الجاني لم يكن هتكا وخلافا للاحترام اللازم له عرفا ما لم يرد دليل من الشرع فإنه من قبيل إقامة أمر الله في بيت الله وإذا كان هو حكما إلهيا وطاعة لأمره سبحانه فكيف يكون اجرائه في بيته خلاف الاحترام؟ وخصوصا بلحاظ إن في الاخراج إلى خارج الحرم وإقامة الحد عليه هناك تأخيرا في اجراء الحدود، وعلى الجملة فيمكن التشكيك في كون إقامة الحد في الحرم هتكا وفي خارجه احتراما له، نعم بعد ملاحظة إن الشارع جعله بيت الأمن ومركز الأمان يصح أن يقال: إن عدم إقامة الحد عليه في الحرم نوع احترام منه.
الثاني إنه هل التضييق في المطعم والمشرب على من التجئ إلى الحرم إلى أن يتعب ويضطر إلى الخروج لا ينافي كون الحرم آمنا، وأن من دخله كان آمنا؟
الظاهر أنه مع غض النظر عن الرواية ينافي كونه محل الأمن فإن مقتضى كون الحرم كذلك أن يكون الداخل فيه في سعة وراحة لا في الضيق والشدة وتحت ضغط الجوع والعطش ولازم كونه آمنا هو كونه مأمونا من جميع أنواع الأذى دون خصوص القتل أو الضرب نعم بلحاظ الرواية نقول بذلك.
ولعل الأمر بالتضييق عليه مع كونه آمنا ولائذا بدار الأمن هو التنبيه على لزوم مراعاة جانب الحدود أيضا فإنه لولا ذلك للزم تعطيل حدود الله تعالى ويصير ذلك ذريعة لنشر الفساد واقتراف المعاصي والمحرمات.
الثالث إن الظاهر كون النسبة بين أدلة الحدود كآية الجلد وروايات الرجم والجلد وبين أدلة حرمة الحرم، العموم من وجه فإن مالهما إلى أنه يجلد الزاني مثلا في الحرم وغيره، ولا يجلد في الحرم سواء كان الحد حد الزنا أو غيره، فيتعارضان في المجمع وهو حد الزنا في الحرم لكنا لم نجد أحدا قال بأن بينهما تعارضا كذلك حتى يسقط الدليلان مثلا ولعل ذلك لأجل إن