أقول: إن منعه عن الماء والطعام مطلقا إلى أن يموت خلاف كون البيت آمنا وينافي أن من دخله كان آمنا كما أنه خلاف المصلحة الملحوظة في المقام من اضطراره والجائه إلى الخروج فيقام عليه الحد.
هذا مضافا إلى أنه لا يجوز الاقدام على هلاك أحد واتلافه بذنبه وإن كانت عقوبته القتل أو الرجم فإنه لا بد من اجراء الحد عليه بالنحو المشروع والمنهاج المأثور لا مطلقا ولا يجوز قتله بالجوع والعطش.
السادس: إنه قد استشكل بعض الأعاظم قدس سره في شمول لفظ الجناية المذكورة في صحيح هشام، للزنا، قال: والتعبير بالجناية في السؤال وشمولها لارتكاب الزنا لا يخلو عن النظر وإن كان الجواب مناسبا انتهى.
وفيه أن ذكر الصحيحة في كلماتهم رضوان الله عليهم أجمعين عند البحث عن ارتكاب الزنا والالتجاء في الحرم شاهد على أنهم بأجمعهم قد فهوا شمول الجناية لمثل الزنا وساير موجبات الحد.
والسر في ذلك ووجهه هو أن للجناية معنيين أحدهما ايجاد الجرح وايصال الألم إلى بدن الانسان كله أو بعضه والأول جناية النفس والثاني جناية الطرف.
ثانيهما ذنب أخذ الانسان بعقوبته، والزنا وإن لم يشمله الجنابة بمعناها الأول لكنها تشمله بمعناها الثاني.
هذا مضافا لي أن الراوي أطلق الجناية وأجابه الإمام بأنه لا يقام عليه الحد وهذا ظاهر في كون الموضوع هو ما له حد في الشرع وليس المراد هو ايراد ما يعاقب المورد على مثله، وليس هذا إلا لواحد من الوجهين فإما أن تكون الجناية هو الذنب الذي له عقوبة وإما أنه كان هناك قرينة على أن مقصود السائل هو هذا وكان الإمام عليه السلام عالما بذلك.
السابع: إن الضمير في قوله تعالى: ومن دخله كان آمنا، وإن كان يرجع إلى البيت المذكور في الآية السابقة وهي قوله تعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (1)، إلا أن المراد بحسب الآثار هو مطلق