ويبقى بعد ذلك سؤال واحد، يتصل بهذه القيمة التي تستمدها السلعة من الطبيعة: فلمن تكون هذه القيمة؟، ومن الذي يملكها؟، وهل يملكها العامل أو شخص سواه؟. وهذه نقطة أخرى خارجة عن نطاق البحث، وإنما النقطة التي كنا ندرسها هي علاقة القيمة الفائضة بالعمل، وهل يجب أن تكون جزءا من القيمة التي يخلقها العمل، أو يمكن أن تكون نابعة من مصدر آخر؟. فماركس حين اعتبر العمل أساسا وحيدا للقيمة، لم يستطع أن يفسر القيمة الفائضة (الربح)، إلا على اقتطاع جزء من القيمة التي يخلقها العامل. وأما في ضوء مقياس آخر للقيمة، كالمقياس السيكولوجي، فمن الممكن تفسير القيمة الفائضة، دون أن نضطر إلى اعتبارها جزءا من القيمة التي يخلقها العامل. فبالمجتمع تزداد - دائما القيم التبادلية التي يملكها - كما تزداد ثروته باستمرار - عن طريق اندماج كميات جديدة من العمل بالمواد الطبيعية، وتكوين سلع جاهزة عن هذا الطريق، تحمل قيمة تبادلية مستمدة من العنصرين المندمجين فيها، من العمل والمادة الطبيعة، الأمرين اللذين استطاعا - بالاندماج والاشتراك: أن يولدا قيمة جديدة، لم يكن توجد في كل منهما حالة وجودة بصورة مستقلة عن الآخر.
وهناك شيء آخر أقصته الماركسية من حسابها، لدى محاولة استكشاف سر الربح، دون أن نجحد مبررا لإقصائه، حتى إذا أخذنا بقانون القيمة عند ماركس، وهو: القدر الذي يخلقه المالك نفسه من قيمة، بسبب مواهبه التنظيمية والإدارية، التي يستعملها في تسيير المشروع الصناعي أو الزراعي.
وقد أثبتت التجارب بكل وضوح: أن مشاريع متساوية في رؤوس أموالها، والأيدي العاملة التي تشتغل فيها.. قد تختلف اختلافا هائلا في الأرباح التي يجنيها، طبقا لكفاءات التنظيم. فالإدارة عنصر عملي ضروري في عملية الإنتاج ونجاحها، ولا يكفي لتحقيق عملية الإنتاج ونجاحها أن تتوفر القوى العاملة وأدوات الإنتاج والمواد اللازمة فحسب، بل تحتاج عجلة الإنتاج إلى قائد، يعين المقدار اللازم وجوده من القوى العاملة والمواد والأدوات، ويحدد النسب التي تمتزج بها جميعا، ويوزع