يصبح الخشب به سريرا، هو الأثر المادي للعمل، وهو بالتالي منفعة العمل التي يشتريها المستأجر من العامل بالأجرة. فمنفعة العمل شيء مغاير للعمل ولطاقة العمل، وهي كذلك ليست جزءا من كيان الانسان، وإنما هي بضاعة لها قيمة، بمقدار ما لتلك المنفعة ضمن الخشب الذي أصبح بالتعديل سريرا في مثالنا السابق، دون أي تناقض بين ما يشتريه وما يتسلمه (1).
ولا يفوتنا أن نلاحظ الفرق بين منفعة العمل، والمواد الطبيعية الخام النادرة نسبيا، كالخشب والمادة المعدنية. فإنها وإن كانت جميعا ذات قيم تبادلية، وفقا للمقياس العام في القيمة، غير أن منفعة العمل - وهي حالة التعديل التي تحصل في المادة الطبيعية، نتيجة للعمل - كالخشب الذي يصبح سريرا - بوصفها ذات بضاعة ناتجة عن عمل إنساني، تتمتع بعنصر الإرادة والاختيار. فمن الممكن للإرادة الانسانية، أن تتدخل في جعل هذه البضاعة نادرة، وبالتالي في رفع ثمنها، كما تقوم به نقابات العمال في البلدان الرأسمالية. ولهذا يبدو - لأول وهلة - كأن هذه البضاعة تحدد أثمانها اعتباطا، ووفقا لمدى القوى السياسية لتلك النقابات، ولكن الواقع أنها تخضع لنفس المقياس العام للقيمة، غير أن الإرادة الإنسانية بإمكانها أن تتدخل أحيانا، فتجعل المقياس يرتفع، وتزداد بذلك الأجور.
ولنواصل الآن - بعد أن درسنا نظرية القيمة الفائضة - استعراض المراحل الأخرى من تحليل الماركسية للمجتمع الرأسمالي. فقد عرفنا - حتى الآن: أن ماركس وضع نظرية القيمة الفائضة، على أساس قانونه الخاص في القيمة، وفسر في ضوئها طبيعة الربح الرأسمالي، وانتهى من ذلك إلى أن التناقض الأساسي في الرأسمالية، يكمن في الربح الرأسمالي، بوصفه سرقة يقتطعها المالك من القيمة التي يخلقها العامل المأجور.