وهذه الأراضي ليست جميعا سواء في حالتها لحظة الفتح الإسلامي، فقد كان فيها العامر الذي تجسدت فيه جهود بشرية سابقة، قد بذلت في سبيل استثمار الأرض للزراعة، أو غيرها من المنافع البشرية. وكان فيها العامر طبيعيا، دون تدخل مباشر من الانسان، كالغابات الغنية بأشجارها التي استمدت غناها من الطبيعة لا من إنسان يوم الفتح. كما كان فيها أيضا الأرض المهملة، التي لم يمتد إليها الاعمار البشري حتى عصر الفتح، ولا الاعمار الطبيعي، ولهذا تسمى ميتة في العرف الفقهي، لأنها لا تنبض بالحياة ولا تزخر بأي نشاط.
فهذه أنواع ثلاثة للأرض، مختلفة تبعا لحالتها وقت دخولها في تاريخ الإسلام.
وقد حكم الإسلام على بعض هذه الأنواع بالملكية العامة، وعلى بعضها الآخر بملكية الدولة، كما سنرى.
أ - الأرض العامرة بشريا وقت الفتح إذا كانت الأرض عامرة بشريا وقت اندماجها في تاريخ الإسلام، وداخلة في حيازة الانسان ونطاق استثماره.. فهي ملك عام للمسلمين جميعا، من وجد منهم ومن يوجد، أي ان الأمة الإسلامية بامتدادها التاريخي هي التي تملك هذه الأرض، دون أي امتياز لمسلم على آخر في هذه الملكية العامة. ولا يسمح للفرد بتملك رقبة الأرض ملكية خاصة.
وقد نقل المحقق النجفي في الجواهر - عن عدة مصادر فقهية كالغنية والخلاف والتذكرة -: ان فقهاء الامامية مجمعون على هذا الحكم، ومتفقون على تطبيق مبدأ الملكية العامة على الأرض المعمورة حال الفتح (1). كما نقل الماوردي عن الإمام مالك: القول بأن الأرض المفتوحة تكون وقفا على المسلمين منذ فتحها، بدون حاجة إلى إنشاء صيغة الوقف عليها من ولي الأمر. ولا يجوز تقسيمها بين الغانمين (2). وهو تعبير آخر عن الملكية العامة للأمة.