ونحن إذا لم نؤمن للحركة العلمية بأصالتها وتطورها، وفقا لتراكم الأفكار وتفاعلها، وشروطها السيكولوجية والفكرية الخاصة فسوف لن يجد هذا الكشف العلمي، ولا العلم بوجه عام، تفسيره الكامل في قوى الإنتاج والأوضاع الاقتصادية. ولن نتكلم الآن عن الأفكار الاجتماعية، وعلاقتها بالعامل الاقتصادي لأن لمعالجة هذه النقطة موضعها في بحث مقبل من هذا الكتاب.
3 - الطبقية الماركسية ومن النقاط الجوهرية في الماركسية مفهومها الخاص عن الطبقية الذي كونته، وفقا لطريقتها العامة في دمج الدراسة الاجتماعية الاقتصادية، والنظر دائما إلى المدلولات الاجتماعية ضمن الإطار الاقتصادي، فهي ترى أن الطبقات بوصفها ظاهرة اجتماعية، ليست إلا تعبيرا ذا طابع اجتماعي عن القيم الاقتصادية السائدة في المجتمع، من الربح والفائدة والأجر وألوان الاستثمار، وتؤكد لأجل هذا، أن الأساس الواقعي للتركيب الطبقي، ولظهور أي طبقة في المجتمع، هو العامل الاقتصادي، لأن انقسام الناس إلى فئة تملك كل وسائل الإنتاج، وفئة لا تملك منها شيئا، هو السبب التاريخي لوجود الطبقات في المجتمع، بأشكالها المتنوعة تبعا لنوعية الاستغلال الذي تفرضه الطبقة الحاكمة على الطبقة المحكومة، من عبودية أو قنانة أو استخدام بالأجرة.
والحقيقة أن الماركسية حين أعطت الطبقة مفهوما اقتصاديا يتمثل في ملكية وسائل الإنتاج أو انعدام هذه الملكية، كان من الطبيعي لها أن تؤمن بقيام التركيب الطبقي في المجتمع، على أساس اقتصادي، ما دامت قد أدرجت ذلك في مفهومها عن الطبقية بالذات.
ولعل هذه النقطة هي أوضح مثال من بين النقاط التحليلية في الماركسية، لما حرضت عليه الماركسية، وأدته ببراعة من تفسير المدلولات الاجتماعية كلها،