فهي ترى أن التناقض الطبقي في صميم المجتمع، تعبير عن قانون التناقضات في الديالكتيك، القائل: إن كل شيء يحتوي في أعماقه، على تناقضات وأضداد. وتنظر إلى التطور الاجتماعي، بوصفه حركة ديناميكية، منبثقة عن التناقضات الداخلية، طبقا لقانون الحركة الديالكتيكية العام، القائل: أن كل كائن يتطور، لا بحركة ميكانيكية وقوة خارجية تدفعه من ورائه. بل بسبب التناقضات التي تنمو في صميمه وتنفجر. وتؤمن بتراكم التناقضات الطبقية، شيئا فشيئا، حتى تحين اللحظة المناسبة للتتفجر عن تحول شامل، في بناء المجتمع ونظامه، وفقا للقانون الديالكتيكي، القائل: إن التغيرات الكمية التدريجية، تتحول إلى تغير كيفي ماديتها التاريخية - حقلا خصبا، لقوانين الديالكتيك العامة.
ولنقف لحظة لنتبين مدى التوفيق، الذي أحرزته الماركسية في ديالكتيكها التاريخي؟. إن الماركسية استطاعت، أن تجعل من طريقتها في التحليل التاريخي، طريقة ديالكتيكية إلى حد ما. ولكنها تناقضت في النتائج التي انتهت إليها، مع طبيعة الديالكتيك. وبهذا كانت ديالكتيكية في طريقتها، ولم تكن كذلك في مضمونها النهائي، ونتائجها الحاسمة، كما سنرى.
أ - ديالكتيكية الطريقة:
لم تقتصر الماركسية على الطريقة الديالكتيكية، في البحث التاريخي، بل اتخذتها شعارا لها في بحوثها التحليلية، لكل مناحي الكون والحياة، كما مر في (فلسفتنا). غير أنها لم تنج بصورة نهائية، من التذبذب بين تناقضات الديالكتيكية، وقانون العلية، فهي بوصفها ديالكتيكية، تؤكد: أن النمو والتطور ينشأ عن التناقضات الداخلية فالتناقض الداخلي، هو الكفيل بأن يفسر كل ظاهرة من ظواهر الكون، دون الحاجة إلى قوة أو علة خارجية، ومن ناحية أخرى تعترف: بعلاقة العلة والمعلول، وتفسير هذه الظاهرات أو تلك بأسباب خارجية،