هل تملك المعادن تبعا للأرض؟
كنا نريد بالمعادن حتى الآن: المناجم التي توجد في أرض حرة، لا يختص بها أحد من الأفراد. وقد أسفر البحث عن النتيجة التي استخلصناها قبل لحظة. ويجب أن نلاحظ الآن أن هذه النتيجة، هل تستوعب المناجم التي توجد في أرض يختص بها فرد معين، أو أن هذا المناجم تصبح ملكا لذلك الفرد، باعتبار وجودها في أرضه؟.
والحقيقة: أنا لا نجد مانعا من تطبيق النتيجة التي أسفر عنها البحث على هذه المناجم - ما لم يوجد اجماع تعبدي - لأن وجودها في أرض فرد معين، ليس سببا كافيا من الناحية الفقهية، لتملك ذلك الفرد لها، لأننا عرفنا في بحث سابق: أن اختصاص الفرد بالأرض لا ينشأ إلا من أحد سببين: وهما الإحياء ينتج حقا للمحيي في الأرض ملكا له. وكل من هذين السببين لا يمتد أثره إلى المناجم الموجودة في أفاق الأرض، وإنما يقتصر أثره على الأرض نفسها، وفقا للدليل الشرعي الوارد بشأن كل منهما. فالدليل الشرعي بالنسبة إلى الاحياء هو النص التشريعي القائل: ((أن من أحيا أرضا فهي له وهو أحق بها وعليه طسقها)). ومن الواضح أن هذا النص يمنح المحيي حقا في الأرض التي أحياها، لا فيما تضم الأرض من ثروات لا تزال في الأعماق.
وأما الدليل الشرعي على ملكية الفرد للأرض التي أسلم عليها أهلها طوعا، فهو أن الإسلام يحقن الدم والمال، فمن أسلم حقن دمه وسلمت أمواله التي كان يملكها قبل الإسلام. وهذا المبدأ ينطبق على الأرض نفسها، ولا ينطبق على المناجم التي تضمها، لأن الشخص الذي أسلم لم يكن قبل إسلامه يملك تلك المناجم فتحفظ له. وبكلمة أخرى: أن مبدأ حقن الدم والمال بالإسلام، لا يشرع ملكية جديدة، وإنما يحفظ للشخص بسبب دخوله في الإسلام، ما كان يملكه من أموال قبل ذلك. وليست المناجم من تلك الأموال ليملكها بالإسلام، وإنما يحفظ له إسلامه أرضه التي