تلك الحاجة وسدها (1).
وقد ربط الإسلام بين هذا الكفالة ومبدأ الأخوة العامة بين المسلمين ليدلل على أنها ليست ضريبة التفوق في الدخل فحسب، وإنما هي التعبير العملي عن الأخوة العامة، سيرا منه على طريقته في إعطاء الأحكام إطارا خلقيا يتفق مع مفاهيمه وقيمه، فحق الانسان في كفالة الآخر له مستمد في مفهوم الإسلام من أخوته له، واندراجه معه في الأسر البشرية الصالحة. والدولة تمارس في حدود صلاحياتها حماية هذا الحق وضمانه. والحاجات التي يضمن هذا الحق إشباعها هي الحاجات الشديدة. وشدة الحاجة تعني كون الحاجة حياتية، وعسر الحياة بدون إشباعها.
وهكذا نعرف: أن الضمان الاجتماعي، الذي يقوم على أساس التكافل يتحدد - وفقا له - بحدود الحاجات الحياتية للافراد، التي يعسر عليهم الحياة بدون إشباعها (2).
الأساس الثاني للضمان الاجتماعي:
ولكن الدولة لا تستمد مبررات الضمان الاجتماعي الذي تمارسه من مبدأ التكافل العام فحسب، بل قد يمكن ابراز أساس آخر للضمان الاجتماعي كما عرفنا سابقا، وهو حق الجماعة في مصادر الثروة. على أساس هذا الحق تكون الدولة مسؤولة بصورة مباشرة عن ضمان معيشة المعوزين والعاجزين، بقطع النظر عن الكفالة الواجبة على أفراد المسلمين أنفسهم (3).
وسوف نتحدث أولا عن هذه المسؤولية المباشرة للضمان وحدودها وفقا لنصوصها التشريعية، ثم عن الأساس النظري الذي ترتكز عليه فكرة هذا الضمان. وهو حق الجماعة في ثروات الطبيعة.