وعلى هذا الأساس وضع الإسلام منطقة الفراغ في الصورة التشريعية التي نظم بها الحياة الاقتصادية، لتعكس العنصر المتحرك وتواكب تطور العلاقات بين الانسان والطبيعة، وتدرأ الأخطار التي قد تنجم عن هذا التطور المتنامي على مر الزمن.
منطقة الفراغ ليست نقصا:
ولا تدل منطقة الفراغ على نقص في الصورة التشريعية، أو إهمال من الشريعة لبعض الوقائع والأحداث. بل تعبر عن استيعاب الصورة. وقدرة الشريعة على مواكبة العصور المختلفة، لأن الشريعة لم تترك منطقة الفراغ بالشكل الذي يعين نقصا أو اهمالا، وإنما حددت للمنطقة أحكامها يمنح كل حادثة صفتها التشريعية الأصيلة، مع اعطاء ولي الأمر صلاحية منحها صفة تشريعية ثانوية، حسب الظروف. فاحياء الفرد للأرض مثلا عملية مباحة تشريعيا بطبيعتها، ولولي الأمر حق المنع عن ممارستها، وفقا لمقتضيات الظروف.
الدليل التشريعي:
والدليل على إعطاء ولي الأمر صلاحيات كهذه، لملء منطقة الفراغ، هو النص القرآني الكريم: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم} (1).
وحدد منطقة الفراغ التي لها صلاحيات أولي الأمر، تضم في ضوء هذا النص الكريم كل فعل مباح تشريعا بطبيعته فأي نشاط وعمل لم يرد نص تشريعي يدل على حرمته أو وجوبه.. يسمح لولي الأمر باعطائه صفة ثانوية، بالمنع عنه أو الأمر به. فإذا منع الإمام عن فعل مباح بطبيعته، أصبح حراما، وإذا أمر به، أصبح واجبا. وأما الأفعال التي ثبت تشريعيا تحريمها بشكل عام، كالربا مثلا، فليس من حق ولي الأمر، الأمر بها. كما أن الفعل الذي حكمت الشريعة بوجوبه، كانفاق الزوج على