3 - النظرية بما هي عامة:
بعد أن درسنا المادية التاريخية، في ضوء القواعد الفكرية الماركسية، من المادية الفلسفية، والديالكتيك، والمادية التاريخية نفسها، أو بتعبير آخر طريقة المادية التاريخية في تفسير المعرفة. وحددنا صلتها بتلك القواعد. بعد أن درسنا ذلك كله، حان الوقت للانتقال إلى المرحلة الثانية من دراسة المادية التاريخية. وذلك ان نتناولها بما هي نظرية عامة، تستوعب بتفسيرها حياة الإنسان، وتاريخه الاجتماعي كله. وندرسها بصفتها العامة هذه. بقطع النظر عن تفاصيلها، وخصائص كل مرحلة من مراحلها.
وحين نتناولها بهذا الوصف، نجد بين يدي البحث عدة أسئلة، تنتظر الجواب عليها:
فأولا: ما هو نوع الدليل، الذي يمكن تقديمه لإثبات الفكرة الأساسية، في المادية التاريخية، وهي: أن الواقع الموضوعي لقوى الإنتاج، هو القوة الرئيسية للتاريخ، والعامل الأساسي في حياة الإنسان؟
وثانيا: هل يوجد مقياس أعلى، توزن به النظريات العلمية؟. وما هو موقف هذا المقياس من النظرية الماركسية عن التاريخ؟
وثالثا: هل استطاعت المادية التاريخية حقا أن تملأ بتفسيرها الافتراضي، كل الشواغر في التاريخ الإنساني، أو بقيت عدة جوانب عامة من الحياة الإنسانية، خارج حدود التفسير المادي للتاريخ؟