دور الأعمال المنتجة في النظرية:
فالصيد إذا درسناه بصورة منفصلة عن الحيازة، نجد أنه عمل ينتج فرصة معينة. فمن الطبيعي أن يمنح العامل حق تملك الفرصة التي نتجت عن عمله، كما يملك العامل في الأرض فرصة الانتفاع التي نجمت عن إحيائه للأرض، وفقا للمبدأ الآنف الذكر في النظرية، الذي يمنح كل عامل في الثروة الطبيعية الخاتم حق تملك النتيجة التي يسفر عنها العمل.
وعن طريق تملك الصائد لهذه الفرصة، يصبح له حق خاص في الطير الذي اصطاده واضطره إلى الهبوط والمشي على الأرض، ولو لم يحزه كما يدل عليه اطلاق النصوص التشريعية (1) فلا يسمح لفرد آخر أن يبادر إلى الطير ويستولي عليه، أو يغتنم فرصة اشتعال الصياد عن حيازته بمواصلة عملية الصيد مثلا، فيسبقه اليه، لأن ذلك يؤدي إلى حرمان العامل من الفرصة التي خلقها بالصيد.
فحق الصياد في الطائر الذي اصطاده، لا يتوقف على حيازته له أو البدء في الانتفاع به فعلا، بل مجرد الفرصة التي خلقها بعمله يخوله الحق فيه، لأن هذه الفرصة ملك للعامل خلقها، سواء فكر فعلا في الانتفاع بصيده وبادر إلى حيازته أو لا.
وبهذا كان الصياد نظير العامل الذي يحيي الأرض، فكما لا يجوز لفرد لآخر أن يستثمر الأرض ويزرعها، ولو لم يمارس المحيي لانتفاع بها فعلا، كذلك لا يصح لغير العامل الذي ذلل الصيد وقضى على مقاومته أخذ الصيد ما دام الصياد محتفظا بحقه، ولو لم يبادر إلى حيازته فعلا.
ولكن الطير الذي شلت حركته نتيجة لاصطياده، إذا استطاع قبل أن يبادر الصياد إلى حيازته، أن يسترجع قواه، أو يتغلب على الصدمة، ويحلق في الجو من جديد، زال عنه حق الصياد، لأن هذا الحق كان يعتمد على تملك العامل للفرصة