2 - مبدأ الحرية الاقتصادية في نطاق محدود والثاني من أركان الاقتصاد الإسلامي، السماح للأفراد على الصعيد الاقتصادي بحرية محدودة، بحدود من القيم المعنوية والخلقية التي يؤمن بها الإسلام.
وفي هذا الركن نجد أيضا الاختلاف البارزين بين الاقتصاد الإسلامي، والاقتصادي، الرأسمالي والاشتراكي. فبينما يمارس الأفراد حريات غير محدودة في ظل الاقتصاد الرأسمالي، وبينما يصادر الاقتصاد الاشتراكي حريات الجميع.. يقف الإسلام موقفه الذي يتفق مع طبيعته العامة، فيسمح للأفراد بممارسة حرياتهم ضمن نطاق القيم والمثل، التي تهذب الحرية وتصقلها، وتجعل منها أداة خير للانسانية كلها.
والتحديد الإسلامي للحرية الاجتماعية في الحقل الاقتصادي على قسمين:
أحدهما: التحديد الذاتي الذي ينبع من أعماق النفس، ويستمد قوته ورصيده من المحتوى الروحي والفكري للشخصية الإسلامية.
والآخر: التحديد الموضوعي الذي يعبر عن قوة خارجية، تحدد السلوك الاجتماعي وتضبطه.
أما التحديد الذاتي: فهو يتكون طبيعيا في ظل التربية الخاصة، التي ينشئ الإسلام عليها الفرد في المجتمع الذي يتحكم الإسلام في كل مرافق حياته (المجتمع الإسلامي). فإن للإطارات الفكرية والروحية التي يصوغ الإسلام الشخصية الإسلامية ضمنها، حين يعطي فرصة مباشرة واقع الحياة وصنع التاريخ على أساسه.. إن لتلك الإطارات قوتها المعنوية الهائلة، وتأثيرها الكبير في التحديد ذاتيا وطبيعيا من الحرية، الممنوحة لأفراد المجتمع الإسلامي، وتوجيهها توجيها مهذبا صالحا، دون أن يشعر الأفراد بسلب شيء من حريتهم، لأن التحديد نبع من واقعهم الروحي والفكري، فلا يجدون فيه حدا لحرياتهم. ولذلك لم يكن التحديد الذاتي تحديدا للحرية في الحقيقة، وإنما هو عملية إنشاء للمحتوى الداخلي للانسان الحر، إنشاءا معنويا صالحا، حيث تؤدي الحرية في ظله رسالتها الصحيحة.