وبناء عليها نقول في المقام: ان الروايات العديدة، الواردة تارة: بلسان أن الناس شركاء في الماء، وأخرى: بلسان النهي عن منع فضل الماء، وثالثة بلسان النهي عن بيع القناة بعد الاستغناء عنها. تؤدي على أقل تقدير إلى احتمال ورود الردع الاختصاص المطلق، المسمى بالملكية.
- 9 - بحث في وجوب إعارة القناة عند الاستغناء عنها وهناك من يوقع المعارضة بين هذه الطائفة، وبين ما دل على جواز بيع القناة، كخبر الكاهلي قال: ((سأل رجل أبا عبد الله وأنا عنده، عن قناة بين قوم، لكل رجل منهم شرب معلوم، فاستغنى رجل منهم عن شربه، أيبيع بحنطة أو شعير؟. قال: يبيعه بما شاء، هذا مما ليس فيه شيء)) (1). وبعد إيقاع المعارضة، يجمع بينهما بحمل الروايات الناهية على الكراهة.
ولكن التحقيق: أن هذا الجمع غير تام إذ لو فرض التعارض بينهما، وورودهما في موضوع واحد، فكيف يوفق بين النهي ولو بمعنى الكراهة، وبين قوله: هذا مما ليس فيه شيء، الظاهر جدا في خلوه من كل حزازة وشبهة؟!.
والتحقيق في الجمع بين الطائفتين: أن الطائفة الناهية، كموثقة أبي بصير المذكورة في المتن، تدل على أمرين: أحدهما: وجوب الإعارة وبذلك القناة مجانا لأجل أن ينتفع بها المستعير عند إشباع صاحب القناة حاجته. آنفا، لا تنافي الأمر الأول بوجه، لأنها لا تدل على عدم وجوب إعارة القناة للغير، وإنما تدل على جواز بيعها. وجواز بيعها لا يستلزم عدم وجوب إعارتها.