الإنسان استثمارا مخلصا، في سبيل توفير المصالح الاجتماعية، وإيجاد التنظيم الاجتماعي الذي يكفل تلك المصالح وتنفيذ هذا التنظيم.
وهكذا يتضح أن المشكلة الاجتماعية التي تحول بين الانسانية وتكاملها الاجتماعي، هي التناقض القائم بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية وما لم تكن الإنسانية مجهزة بإمكانات للتوفيق بين المصالح الاجتماعية والدوافع الأساسية التي تتحكم في الأفراد، لا يمكن للمجتمع الإنساني أن يظفر بكماله الاجتماعي. فما هي تلك الإمكانات؟؟
إن الإنسانية بحاجة إلى دافع يتفق مع المصالح الاجتماعية العامة، كما وجدت المصالح الطبيعية الدافع الذاتي حليفا لها.
هل يمكن للعلم أن يحل المشكلة ويتردد على بعض الشفاه أن العلم الذي تطور بشكل هائل، كفيل بحل المشكلة الاجتماعية، لأن الانسان هذا المارد الجبار الذي استطاع أن يخطو خطوات العمالقة، في ميادين الفكر والحياة والطبيعة، وينفذ إلى أعمق أسرارها، ويحل أروع ألغازها، حتى أتيح له أن يفجر الذرة ويطلق طاقتها الهائلة، وأن يكشف الأفلاك ويرسل إليها قذائفه، ويركب الطائرة الصاروخية، ويسخر قوى الطبيعة لنقل ما يحدث على بعد مئات الألوف من الأميال على شكل أصوات تسمع وصور ترى.. إن هذا الانسان الذي سجل في تاريخ قصير كل هذا الفتوحات العلمية، وانتصر في جميع معاركه مع الطبيعة، لقادر بما أوتي من علم وبصيرة أن يبني المجتمع المتماسك السعيد، ويضع التنظيم الاجتماعي الذي يكفل المصالح الاجتماعية للانسانية، فلم يعد الانسان بحاجة إلى مصدر يستوحي منه موقفه الاجتماعي سوى العلم الذي قاده من نصر إلى نصر في كل الميادين.
وهذا الزعم في الواقع لا يعني إلا الجهل بوظيفة العلم في الحياة الإنسانية، فإن العلم مهما نما وتطور ليس إلا أداة لكشف الحقائق الموضوعية في مختلف الحقول،