ومناجم وعيون، في أعمال الاحتكار والقوة، التي لا قيمة لها في النظرية، وندرج حيازة الثروات التي تنقل وتحمل، في أعمال الانتفاع والاستثمار، التي هي المصدر الوحيد للحقوق الخاصة في الثروات الطبيعية.
ونخرج من ذلك بنتيجة وهي: أن الصفة الاقتصادية للعمل شرط ضروري في إنتاجه للحقوق الخاصة، فلا يكون العلم مصدرا لتملك المال ما لم يكن بطبيعته من أعمال الانتفاع والاستثمار (1).
النظرية تميز بين الأعمال ذات الصفة الاقتصادية:
ولنأخذ الآن أعمال الانتفاع والاستثمار، التي تحمل الطابع الاقتصادي لندرس موقف النظرية من تقييمها، ونوع الحقوق التي تقيمها على أساسها.
ولا نحتاج في هذا المجال إلى أكثر من تتبع الفقرة الثانية والفقرة العاشرة من البناء العلوي السابق، لنعرف أن الشريعة لا تمنح الفرد دائما الحق والملكية في مصادر الثروة الطبيعية، من أرض ومناجم وعيون، بمجرد ممارسة الفرد فيها لعمل خاص من أعمال الانتفاع والاستثمار. فنحن نرى، مثلا في الفقرة الثانية، أن ممارسة الزراعة في أرض عامرة بطبيعتها لا يمنح الفرد الزارع من الحق فيها، ما يمنحه الإحياء في أرض ميتة. ونلاحظ في الفقرة العاشرة أيضا، أن الانتفاع بالأرض باتخاذها مرعى لا يعطي الراعي حقا في تملك الأرض، مع أن استخدامه لها في الرعي عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار. فهناك إذن فارق بجب اكتشافه، بين احياء الأرض وما اليه من أعمال، وبين استثمار الأرض العامرة في الزراعة والرعي، بالرغم من أن هذه الاعمال، تبدو جميعا ذات صفة اقتصادية وألوانا من الانتفاع والاستثمار لمصادر الثروة الطبيعية. وباكتشاف ذلك الفارق نتقدم مرحلة جديدة في تحديد النظرية العامة واستيعابها.