وثانيا: إن الواقع التاريخي للمجتمع الرأسمالي الحديث، لا يمكن أن يعتبر صورة صادقة لكل مجتمع يسمح بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. ولا أن تعمم النتائج التي ينتهي إليها الباحث من درسه المجتمع الرأسمالي الحديث، على كل مجتمع آخر يتفق معه في القول بالملكية الخاصة، وإن اختلفت معه في الإطارات والحدود.
وإنما أدانت الماركسية مبدأ الملكية الخاصة، بكل النتائج التي تمخض عنها المجتمع الرأسمالي.. تجاوبا مع فكرتها الأساسية في تفسير التاريخ، القائلة: بأن العامل الاقتصادي، الذي تعبر عنه نوعية الملكية السائدة في المجتمع، هو حجر الزاوية في الكيان الاجتماعي كله. فكل ما يحدث في المجتمع الرأسمالي، تنبع جذوره الواقعية من القاعدة الاقتصادية، من الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، فتزايد البؤس وشبكات الاحتكار وفظائع الاستعمار وجيوش العاطلين من العمل، واستفحال التناقض في صميم المجتمع، كل تلك الأمور نتائج حتمية وحلقات من التسلسل التاريخي، المفروض على كل مجتمع يؤمن بالملكية الخاصة.
وتتلخص وجهة نظرنا حول آراء الماركسية هذه، عن المجتمع الرأسمالي في نقطتين:
إحداهما: أنها تخلط بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وواقعها الرأسمالي المتميزة بطبيعة اقتصادية وسياسية وفكرية معينة فتعتبر مضاعفات هذا الواقع الفاسد، نتائج حتمية لكل مجتمع يسمح بالملكية الخاصة.
والأخرى: أنها على خطأ في الأسس العملية الاقتصادية المزعومة، التي تستمد منها الماركسية طابعها العلمي، في تحليلها لتناقضات المجتمع الرأسمالي وتطوراته التاريخية.
تناقضات الرأسمالية ولنبدأ الآن بأهم تناقضات المجتمع الرأسمالي في رأي الماركسية أو المحور الرئيسي للتناقض بتعبير آخر، وهو الربح الذي يدره الإنتاج بالأجرة، على الرأسماليين