وهل استثنيت الانسانية من نظام الكون الذي زود كل كائن فيه بإمكانات التكامل، وأودعت فيه الفطرة التي تسوقه إلى كماله الخاص، كما دلت على ذلك التجارب العلمية إلى جانب البرهان الفلسفي؟!.
الدين هو الحل الوحيد للمشكلة:
وهنا يجيء دور الدين بوصفه الحل الوحيد للمشكلة، فإن الدين هو الإطار الوحيد الذي يمكن للمسألة الاجتماعية أن تجد ضمنه حلها الصحيح. ذلك أن الحق يتوقف على التوفيق بين الدوافع الذاتية والمصالح الاجتماعية العامة، وهذا التوفيق هو الذي يستطيع أن يقدمه الدين للانسانية، لأن الدين هو الطاقة الروحية التي تستطيع أن تعوض الانسان عن لذائذه الموقوتة التي يتركها في حياته الأرضية أملا في النعيم الدائم، وتستطيع أن تدفعه إلى التضحية بوجوده عن إيمان بأن هذا الوجود المحدود الذي يضحي بعه ليس غلا تمهيدا لوجود خالد وحياة دائمة، وتستطيع أن تخلق في تفكيره نظرة جديدة تجاه مصالحه، ومفهوما عن الربح والخسارة ارفع من مفاهيمهما التجارية المادية. فالغناء طرق اللذة، والخسارة لحساب المجتمع سبيل الربح، وحماية مصالح الآخرين تعني ضمنا حماية مصالح الفرد في حياة أسمى وأرفع.. وهكذا ترتبط المصالح الاجتماعية العامة بالدوافع الذاتية، بوصفها مصالح للفرد في حسابه الديني.
وفي القرآن الكريم نجد التأكيد الرائعة على هذا المعنى منتشرة في كل مكان، وهي تستهدف جميعا تكوين تلك النظرة الجديدة عند الفرد عن مصالحه وأرباحه فالقرآن يقول:
{و من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} (1) {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} (2).